أي في حرم المدينة، أو في الشهر الحرام، أو أنه كان خاصًّا في حقه أن يتزوج وهو محرم، وهو جواب جماعة من الصحابة، وأصح الوجهَيْن عند أصحاب الشافعي. وإن فرض وقوع ذلك وهو محرم، فقد تعارض القول والفعل، والقول أرجح عند التعارض، ولا يصح أن يحمل على الوطء إذ عطف قوله "ولا ينكح" يبعده عن ذلك، وقوله "ولا ينكح" يعني لا يزوج غيره بولاية ولا وكالة.
قال العلماء: سببه أنه لما منع من مدة الإحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة فلا يعقد لنفسه ولا لغيره، وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب وغيره أو بولاية عامة كالسلطان والقاضي ونائبه، وهذا هو الصحيح عند الهادوية والشافعية، وقال بعض أصحاب الشافعي والإمام يحيى: يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة لأنها يستفاد بها ما لا يستفاد بالخاصة، قالوا كما يجوز للمسلم بالولاية العامة أن يزوج الذمية دون الخاصة، وقد وافقهم في المقيس عليه أبو العباس على أصل الهادي، فلو زوج المحرم أو تزوج كان العقد باطلًا، إن كان على خلاف مذهبه، وكان عالمًا بالتحريم، وإن كان جاهلًا كان فاسدًا (?)، ولذلك أحكام مفصلة في فروع الفقه، وقوله "ولا يخطب" النهي للتنزيه لا للتحريم، والظاهر أنه إجماع وكذا تكره الشهادة على عقد النكاح.
وقال بعض أصحاب الشافعي: لا ينعقد النكاح بشهادة المحرم لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده إذ لا دليل على ذلك (?)، والله أعلم.
569 - وعن أبي قتادة الأنصاري في قصة صيد الحمار الوحشي وهو