لميمونة بنت الحارث كما في رواية ابن عباس (?) أنه نكحها وهو محرم في عام القضية فإنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في شهر القعدة سنة سبع، وبعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث ليخطبها له فجعلت أمرها إلى العباس وكانت أختها أم الفضل تحته، وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبني بها بمكة بعد عام أعمال العمرة بعد أن مضت الثلاثة الأيام التي وقع الصلح على إقامته فيها، فمنعه المشركون من ذلك، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة حتى نزل بطن سَرِف -بفتح السين المهملة وكسر الراء المهملة- فأقام بها، وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمسي، وأقام حتى قدمت ميمونة ومن معها وقد لقوا أذى وعناء من سفهاء مكة وصبيانها فبنى بها ثم أدلج وسار حتى قدم المدينة.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأجوبة أصحها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تزوجها حلالًا، هكذا رواه الصحابة.
قال القاضي عياض (?) وغيره: لم يرو أنه تزوجها محرمًا إلا ابن عباس وحده، حتى قال سعيد بن المسيب ذهل ابن عباس وإن كانت خالته، ما تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد ما حل. ذكره البخاري (?)، وكذا روى يزيد بن الأصم عن ميمونة نفسها، وكذا أبو رافع مع أنه السفير بينهما، أو أنه تزوجها في الحرم وهو حلال، أو أنه تزوجها في شهر الحرام وهي لغة شائعة معروفة، كما قال الشاعر:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرمًا ... ورعًا فلم أر مثله مقتولًا