والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة أذكاره وأبلغ في مراقبته وصيانته واقتناعه عن ارتكاب المحظورات، وليتذكر به الموت ولباس الأكفان وليتذكر البعث يوم القيامة حفاة عراة مهطعين إلى الداعي، والحكمة في تحريم الطيب والنساء أن يبعد عن الترفه وزينة الدنيا والتلذذ، ويتجمع همه لمقاصد الآخرة، والله سبحانه أعلم.

567 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإِحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه (?).

قولها "كنت أطيب" وقع في رواية عروة عنها التصريح بأن ذلك في حجة الوداع. أخرجه البخاري في باب اللباس، وهذا يقتضي أنه وقع مرة واحدة فكان في مثل هذا الموقع لا يدل على التكرار، وتعقب بأن المدعى تكراره هو الطيب لا الإحرام، ولا مانع من تكرر (أ) الطيب وهو بعيد.

وقال النووي: المختار أنها لا تقتضي تكرارًا ولا استمرارًا، وكذا قال الفخر الرازي، وقال ابن الحاجب: إنها تقتضي التكرار، وقال جماعة من المحققين إنها تقتضي التكرار ظاهرًا وقد تدل قرينة على عدمه فاستعمل هنا مجازًا في عدم التكرار دلالة على كثرة ما فعلت من الطيب حتى صار كأنه أشبه من طيب مرة بعد أخرى لما رأت من استحبابه لذلك، مع أنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015