وأخرج من حديث أبي هريرة قال: يقولون أفطر الحاجم والمحجوم، ولو أحتجم ما باليت، وهذا القول من أبي هريرة يدل على أنه قد ثبت عنده الرخصة. وقال الشافعي في "تأويل الحديث" (?) في رواية حرملة: وقد قال بعض من يروي: "أفطر الحاجم والمحجوم" أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مر بهما وهما يغتابان رجلًا.
وأخرج الحازمي من حديث ثوبان قال: "مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يحتجم وهو يُعرِّضُ برجل فقال - عليه السلام - (أ) أفطر الحاجم والمحجوم" قال كذا رواه أبو النضر، ورواه الوحاظي عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال: إنما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان"، ثم حمل الشافعي الإفطار بالغيبة على سقوط أجر الصوم مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - للمتكلم يوم الجمعة: "لا جمعة لك" (?) فإن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بالإعادة فدل على أنه محمول على إسقاط الأجر ومثله، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (?)، فإن الحابط هو أجر العمل، فلا وجه لتعجب ابن خُزيمة من هذا التأويل حيث قال: جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" لأنهما كانا يغتابان، قال فإذا قيل له: فالغيبة (ب) تفطر الصائم؟ قال: لا، قال: فعلى هذا لا يخرج من مخالفة الحديث فلا شبهة، انتهى.