حبان (?) قال بأنه كان لا يجوع وتمسك بظاهر هذا الحديث، وضعف الأحاديث الواردة بأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يجوع وشد الحجر على بطنه، وقال أيضًا ما يغني الحجر عن الجوع، وقد أكثرَ النَّاس عليه الرد في ذلك، ويرد عليه بما أخرجه هو أيضًا في "صحيحه" من حديث ابن عباس أنه خرج - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة فرأى أبا بكر وعمر فقال: ما أخرجكما؟ قالا: ما أخرجنا إلَّا الجوع، قال: وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلَّا الجوع، وفائدة الشد بالحجر أنه يقيم الصلب لأنَّ البطن إذا خلا ضعف صاحبه عن القيام لانثناء بطنه، فإذا ربط عليه الحجر اشتد وقوي صاحبه على القيام حتَّى قال بعض من وقع له ذلك: كنتُ أظن الرِّجْلَيْن تحملان البطن، فإذا البطن تحمل الرِّجْلين، والظاهر أنه أراد - صلى الله عليه وسلم - أن ما هو فيه من الاشتغال بالتفكر في عظمة ربه والتملي بمشاهدته والتغذي بمحبته، والاستغراق في مناجاته، والإقبال عليه مغنٍ عن الطعام والشراب، وإلى هذا جنح ابنُ القيِّم قال: وقد يكون هذا الغذاء أعظم من غذاء الأجساد، ومن له أدنى ذَوْق عَلِمَ استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثيرٍ من الغِذَاء الجسماني، ولا سيما الفرح والسرور بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه.

وقوله: "واصل بهم يومًا ثم يومًا": ظاهره أنَّ قدرَ المواصلة لهم كانت يومَيْن، وقد صرح بذلك البُخاريّ في رواية (?)، وقوله: "لو تأخر": يستدل بهذا على جواز التمني بليت، ويحمل النهي على ذلك فيما إذا كان في الأمور الشرعية.

وقوله: "لزدتكم" أي: في الوصال إلى أنْ تعجزوا عنه فتسألوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015