لَهُ: الْبَسَاسِيرِيُّ، وَتَلَقَّبَ بِالْمُظَفَّرِ، ثُمَّ كَانَ مُقَدَّمًا كَبِيرًا عِنْدَ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ الْعِرَاقِ كُلِّهَا، ثُمَّ طَغَى وَبَغَى، وَتَمَرَّدَ وَعَتَا، وَخَرَجَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، بَلْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَدَعَا إِلَى خِلَافَةِ الْفَاطِمِيِّينَ، فَتَمَّ لَهُ مَا رَامَهُ مِنَ الْأَمَلِ الْفَاسِدِ، وَاسْتُدْرِجَ، ثُمَّ كَانَ أَخْذُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَكَانَ دُخُولُهُ بِأَهْلِهِ إِلَى بَغْدَادَ فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ خُرُوجُهُمْ فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ أَيْضًا مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ بَعْدَ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ كَامِلَةٍ، ثُمَّ كَانَ خُرُوجُ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَغْدَادَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ، وَاتَّفَقَ قَتْلُ الْبَسَاسِيرِيِّ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ بَعْدَ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ، أَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِيُّ
الْمُؤَدِّبُ الْمُقْرِئُ الْحَافِظُ لِلْقِرَاءَاتِ وَاخْتِلَافِهَا، كَانَ ضَيِّقَ الْحَالِ، فَرَآهُ شَيْخُهُ ابْنُ الْعَلَّافِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يَأْخُذُ أَوْرَاقَ الْخَسِّ مِنْ دِجْلَةَ فَيَأْكُلُهُ، فَأَعْلَمَ ابْنَ الْمُسْلِمَةِ فَأَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْخِزَانَةِ الَّتِي بِمَسْجِدِهِ، فَيَتَّخِذَ لَهَا مِفْتَاحًا غَيْرَ مِفْتَاحِهِ، ثُمَّ كَانَ يَضَعُ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ مِنْ خُبْزِ السَّمِيدِ وَدَجَاجَةً وَحَلَاوَةَ سُكَّرٍ، فَظَنَّ أَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِيُّ