فَكَتَبَ الْعَسْكَرِيُّ الْجَوَابَ فِي ظَهْرِهَا:
أَرُومُ نَهُوضًا ثُمَّ يَثْنِي عَزِيمَتِي ... تَعَوُّذُ أَعْضَائِي مِنَ الرَّجَفَانِي
فَضَمَّنْتُ بَيْتَ ابْنِ الشَّرِيدِ كَأَنَّمَا ... تَعَمَّدَ تَشْبِيهِي بِهِ وَعَنَانِي
أَهُمُّ بِأَمْرِ الْحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُهُ ... وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الْعَيْرِ وَالنَّزَوَانِ
ثُمَّ تَحَامَلَ وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ، وَصَارَ إِلَى الصَّاحِبِ، فَوَجَدَهُ مَشْغُولًا فِي خَيْمَتِهِ بِأُبَّهَةِ الْوِزَارَةِ، فَصَعِدَ أَكَمَةً، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ:
مَا لِي أَرَى الْقُبَّةَ الْفَيْحَاءَ مُقْفَلَةً ... دُونِي وَقَدْ طَالَ مَا اسْتَفْتَحْتُ مُقْفَلَهَا
كَأَنَّهَا جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مُعْرِضَةً ... وَلَيْسَ لِي عَمَلٌ زَاكٍ فَأَدْخُلُهَا
فَلَمَّا سَمِعَ الصَّاحِبُ صَوْتَهُ نَادَاهُ: ادْخُلْهَا يَا أَبَا أَحْمَدَ، فَلَكَ السَّابِقَةُ الْأُولَى، فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ وَقَدِمْ عَلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ.
تُوُفِّيَ الْعَسْكَرِيُّ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوَفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ.