وَيُحْضِرُونَ لَهُ مَا يَخْتَارُهُ وَيَشْتَهِيهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَحْيَا عِدَّةً مِنَ الطَّيْرِ. وَذُكِرَ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُنَّائِيُّ الْكَاتِبُ يَعْبُدُ الْحَلَّاجَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ، فَطَلَبَهُ وَكَبَسَ مَنْزِلَهُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَلَّاجِ وَوَجَدَ فِي مَنْزِلِهِ أَشْيَاءَ بِخَطِّ الْحَلَّاجِ مُكْتَتَبَةً بِمَاءِ الذَّهَبِ فِي وَرَقِ الْحَرِيرِ مُجَلَّدَةً بِأَفْخَرِ الْجُلُودِ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ سَفَطًا فِيهِ مِنْ رَجِيعِ الْحَلَّاجِ وَبَوْلِهِ وَأَشْيَاءَ مِنْ آثَارِهِ وَبَقِيَّةِ خُبْزٍ مِنْ زَادِهِ، فَطَلَبَ الْوَزِيرُ مِنَ الْمُقْتَدِرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ الْحَلَّاجِ فَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ فَاسْتَدْعَى بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَلَّاجِ فَتَهَدَّدَهُمْ فَاعْتَرَفُوا لَهُ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِلَهٌ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَأَنَّهُمْ كَاشَفُوا الْحَلَّاجَ فَجَحَدَ ذَلِكَ وَكَذَّبَهُمْ، وَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَدَّعِيَ الرُّبُوبِيَّةَ أَوِ النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْبُدُ اللَّهَ وَأُكْثِرُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَفِعْلَ الْخَيْرِ، وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَجَعَلَ لَا يَزِيدُ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَالتَّوْحِيدِ، وَيُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. وَكَانَتْ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ سَوْدَاءُ وَفِي رِجْلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَيْدًا وَهِيَ وَاصِلَةٌ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ.
وَكَانَ قَبْلَ احْتِيَاطِ الْوَزِيرِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَيْهِ فِي حُجْرَةٍ مِنْ دَارِ نَصْرٍ الْقُشُورَيِّ الْحَاجِبِ مَأْذُونًا لِمَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُسَمِّي نَفْسَهُ تَارَةً بِالْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَتَارَةً مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ، وَكَانَ نَصْرٌ الْحَاجِبُ هَذَا قَدِ افْتُتِنَ بِهِ،