ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِيهَا وَقَفَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً وَضِيَاعًا عَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَاسْتَدْعَى بِالْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا وَقَفَهُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِيهَا قُدِمَ إِلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأُسَارَى مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَدَوْا عَلَى الْحَجِيجِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ تَتَمَالَكِ الْعَامَّةُ أَنْ عَدَتْ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ، فَأُخِذَ بَعْضُهُمْ فَعُوقِبَ لِكَوْنِهِ افْتَاتَ عَلَى السُّلْطَانِ.
وَفِيهَا وَقَعَ حَرِيقٌ شَدِيدٌ فِي سُوقِ النَّجَّارِينَ بِبَغْدَادَ فَأَحْرَقَ السُّوقَ بِكَمَالِهِ وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَرِضَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ يَمْرَضْ فِي خِلَافَتِهِ مَعَ طُولِهَا إِلَّا هَذِهِ الْمَرْضَةَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيُّ وَلَمَّا خَافَ الْوَزِيرُ عَلَى الْحُجَّاجِ مِنْ شَأْنِ الْقَرَامِطَةِ كَتَبَ إِلَيْهِمْ رِسَالَةً لِيَشْغَلَهُمْ بِهَا عَنْ أَمْرِ الْحَجِّ، فَاتَّهَمَهُ بَعْضُ الْكُتَّابِ بِمُرَاسِلَتِهِ الْقَرَامِطَةَ، فَلَمَّا انْكَشَفَ أَمْرُهُ وَمَا قَصَدَهُ حَظِيَ عِنْدَ النَّاسِ بِذَلِكَ جِدًّا.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
النَّسَائِيُّ أَحْمَدُ.
بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سِنَانِ بْنِ بَحْرِ بْنِ دِينَارٍ أَبُو