الْخَبِيثِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَأَتَى بِرَأْسِهِ مَعَ غُلَامِ لُؤْلُؤَةَ فَتَى أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ رَأَسُهُ بَعْدَ شَهَادَةِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ، خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ثُمَّ انْكَفَأَ رَاجِعًا إِلَى الْمُوَفَّقِيَّةِ، وَرَأْسُ الْخَبِيثِ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسُلَيْمَانَ مَعَهُ أَسِيرٌ، فَدَخَلَ الْبَلَدَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَنْكَلَايَ وَلَدِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَأَبَانِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُهَلَّبِيِّ، مُسَعَّرِ حَرْبِهِمْ، مَأْسُورَيْنِ، وَمَعَهُمَا قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ آلَافِ أَسِيرٍ، فَتَمَّ السُّرُورُ، وَهَرَبَ قِرْطَاسٌ الَّذِي رَمَى الْمُوَفَّقَ فِي صَدْرِهِ بِذَلِكَ السَّهْمِ إِلَى رَامَهُرْمُزَ فَأُخِذَ وَبُعِثَ بِهِ إِلَى الْمُوَفَّقِ فَقَتَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ وَلَدُ الْمُوَفَّقِ. وَاسْتَأْمَنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ جُيُوشِ الزَّنْجِ فَأَمَّنَهُمُ الْمُوَفَّقُ، وَنَادَى فِي النَّاسِ بِالْأَمَانِ، وَأَنْ يَرْجِعَ كُلُّ مَنْ كَانَ أُخْرِجَ مِنْ دِيَارِهِ بِسَبَبِ فِتْنَةِ الزَّنْجِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ، ثُمَّ قَدَّمَ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ رَأْسُ الْخَبِيثِ يُحْمَلُ لِيَرَاهُ أَهْلُ بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا بِبَغْدَادَ، وَانْتَهَتْ أَيَّامُ صَاحِبِ الزَّنْجِ الْمُدَّعِي الْكَذَّابِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ.
وَقَدْ كَانَ ظُهُورُهُ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقُتِلَ يَوْمَ السَّبْتِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.