بَعْدَ نَبِيِّ الْهُدَى وَإِنَّ لَنَا
أَعْمَالَنَا وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقُ
فَأَجَابَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَقَالَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا قَوْلٌ وَلَا عَمَلُ ... لِمَنْ يَقُولُ كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقُ
مَا قَالَ ذَاكَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ ... وَلَا النَّبِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ صِدِّيقُ
وَلَمْ يَقُلْ ذَاكَ إِلَّا كُلُّ مُبْتَدِعٍ ... عَلَى الْإِلَهِ وَعِنْدَ اللَّهِ زِنْدِيقُ
عَمْدًا أَرَادَ بِهِ إِمْحَاقَ دِينِكُمْ ... لِأَنَّ دِينَهُمْ وَاللَّهِ مَمْحُوقُ
أَصَحُّ يَا قَوْمُ عَقْلًا مِنْ خَلِيفَتِكُمْ ... يُمْسِي وَيُصْبُحُ فِي الْأَغْلَالِ مَوْثُوقُ
وَقَدْ سَأَلَ بِشْرٌ مِنَ الْمَأْمُونِ أَنْ يَطْلُبَ قَائِلَ هَذَا فَيُؤَدِّبَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! لَوْ كَانَ فَقِيهًا لَأَدَّبْتُهُ وَلَكِنَّهُ شَاعِرٌ فَلَسْتُ أَعْرِضُ لَهُ.
وَلَمَّا تَجَهَّزَ الْمَأْمُونُ لِلْغَزْوِ فِي آخِرِ سَفْرَةٍ سَافَرَهَا إِلَى طَرَسُوسَ اسْتَدْعَى بِجَارِيَةٍ كَانَ يُحِبُّهَا، وَقَدِ اشْتَرَاهَا فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَبَكَتِ الْجَارِيَةُ وَقَالَتْ: قَتَلْتَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِسَفَرِكَ هَذَا، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
سَأَدْعُو دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ رَبًّا ... يُثِيبُ عَلَى الدُّعَاءِ وَيَسْتَجِيبُ