فَلَوْلَا دُمُوعِي كَتَمْتُ الْهَوَى
وَلَوْلَا الْهَوَى لَمْ تَكُنْ لِي دُمُوعْ
وَقَدْ بَعَثَ خَادِمًا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي لِيَأْتِيَهُ بِجَارِيَةٍ، فَأَطَالَ الْخَادِمُ عِنْدَهَا الْمُكْثَ، وَتَمَنَّعَتِ الْجَارِيَةُ مِنَ الْمَجِيءِ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَيْهَا الْمَأْمُونُ بِنَفْسِهِ، فَأَنْشَأَ الْمَأْمُونُ يَقُولُ:
بَعَثْتُكَ مُشْتَاقًا فَفُزْتُ بِنَظْرَةٍ ... وَأَغْفَلْتَنِي حَتَّى أَسَأْتُ بِكَ الظَّنَّا
وَنَاجَيْتُ مَنْ أَهْوَى وَكُنْتُ مُقَرَّبًا ... فَيَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ دُنُوِّكَ مَا أَغْنَى
وَرَدَّدْتَ طَرْفًا فِي مَحَاسِنِ وَجْهِهَا ... وَمَتَّعْتَ بِاسْتِسْمَاعِ نَغَمَتِهَا أُذُنَا
أَرَى أَثَرًا فِي صَحْنِ خَدِّكَ لَمْ يَكُنْ ... لَقَدْ سَرَقَتْ عَيْنَاكَ مِنْ حُسْنِهَا حُسْنَا
وَلَمَّا ابْتَدَعَ الْمَأْمُونُ مَا ابْتَدَعَ مِنَ التَّشَيُّعِ وَالِاعْتِزَالِ، فَرِحَ بِذَلِكَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ وَكَانَ بِشْرٌ هَذَا شَيْخَ الْمَأْمُونِ فَأَنْشَأَ الْمَرِيسِيُّ يَقُولُ:
قَدْ قَالَ مَأْمُونُنُا وَسَيِّدُنَا ... قَوْلًا لَهُ فِي الْكِتَابِ تَصْدِيقُ
إِنَّ عَلِيًّا أَعْنِي أَبَا حَسَنٍ ... أَفْضَلُ مَنْ أَرْقَلَتْ بِهِ النُّوقُ