ابْنَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ بِقَتْلِ بَنِي حُسَيْنٍ فِي أَوَّلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَنَجَوْا وَأُحِيطَ بِهِ، فَأَصْبَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَقَدِ اسْتَظْهَرَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَدَانَ لَهُ أَهْلُهَا، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، وَقَرَأَ فِيهَا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] . وَأَسْفَرَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةُ عَنْ مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ خَطَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، فَتَكَلَّمَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ، وَذَكَرَ عَنْهُمْ أَشْيَاءَ ذَمَّهُمْ بِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلَدًا مِنَ الْبُلْدَانِ إِلَّا وَقَدْ دَخَلَهَا، وَأَنَّهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَبَايَعَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِمُبَايَعَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فِي أَعْنَاقِنَا بَيْعَةَ الْمَنْصُورِ. فَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُمْ مُكْرَهِينَ وَلَيْسَ لِمُكْرَهٍ بَيْعَةٌ. فَبَايَعَهُ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَهُ.
وَقَدْ قَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حِينَ دَعَاهُ إِلَى بَيْعَتِهِ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ مَقْتُولٌ. فَارْتَدَعَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْهُ، وَاسْتَمَرَّ جُمْهُورُهُمْ مَعَهُ، فَاسْتَنَابَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَلَى قَضَائِهَا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ، وَعَلَى شُرْطَتِهَا عُثْمَانَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلَى دِيوَانِ الْعَطَاءِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ.
وَتَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ; طَمَعًا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَوْعُودَ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي سَنُورِدُهَا