فَغَلَبَهُ الْأَمِيرُ، فَتَوَعَّدَهُ خَاقَانُ بِقَطْعِ الْيَدِ، فَحَنِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمِيرُ، ثُمَّ عَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ، وَتَفَرَّقَتِ الْأَتْرَاكُ فِرَقًا يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَنْهَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَبَعَثَ أَسَدٌ إِلَى أَخِيهِ خَالِدٍ يُعْلِمُهُ بِمَا وَقَعَ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ بِخَاقَانَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِطَوْقِ خَاقَانَ، وَشَيْءٍ كَثِيرٍ مِنْ حَوَاصِلِهِ وَأَمْتِعَتِهِ، فَوَفَّدَهَا خَالِدٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٍ فَفَرِحَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا جِدًّا، وَأَطْلَقَ لِلرُّسُلِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً كَثِيرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي أَسَدٍ يَمْدَحُهُ عَلَى ذَلِكَ:
لَوْ سِرْتَ فِي الْأَرْضِ تَقِيسُ الْأَرْضَا ... تَقِيسُ مِنْهَا طُولَهَا وَالْعَرْضَا
لَمْ تَلْقَ خَيْرًا مَرَّةً وَنَقْضَا ... مِنَ الْأَمِيرِ أَسَدٍ وَأَمْضَى
أَفْضَى إِلَيْنَا الْخَيْرَ حِينَ أَفْضَى ... وَجَمَعَ الشَّمْلَ وَكَانَ رَفْضَا
مَا فَاتَهُ خَاقَانُ إِلَّا رَكْضَا ... قَدْ فَضَّ مِنْ جُمُوعِهِ مَا فَضَّا
يَا بْنَ سُرَيْجٍ قَدْ لَقِيتَ حَمْضَا ... حَمْضًا بِهِ يُشْفَى صُدَاعُ الْمَرْضَى
وَفِيهَا قَتَلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَجَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ تَابَعُوهُ عَلَى بَاطِلِهِ، وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ سَاحِرًا فَاجِرًا شِيعِيًّا خَبِيثًا.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ