خَاقَانَ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءٍ طَوِيلٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ: نُصِرْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثَلَاثًا. ثُمَّ سَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالْتَقَتْ مُقَدِّمَتُهُ بِمُقَدَّمَةِ خَاقَانَ، فَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَأَسَرُوا أَمِيرَهُمْ وَسَبْعَةَ أُمَرَاءَ مَعَهُ، ثُمَّ سَاقَ أَسَدٌ فَانْتَهَى إِلَى أَغْنَامِهِمْ فَاسْتَاقَهَا، فَإِذَا هِيَ مِائَةُ أَلْفٍ وَخَمْسُونَ أَلْفَ شَاةٍ، ثُمَّ الْتَقَى مَعَهُمْ، وَكَانَ خَاقَانُ فِي هَذَا الْيَوْمِ إِنَّمَا مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ نَحْوُهَا، وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ خَامَرَ إِلَيْهِ، يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ فَهُوَ يَدُلُّهُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا اقْتَتَلَ النَّاسُ هَرَبَتِ الْأَتْرَاكُ فِي كُلِّ جَانِبٍ، وَانْهَزَمَ خَاقَانُ، وَمَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ الْمَذْكُورُ يَحْمِيهِ وَيُثَبِّتُهُ، فَتَبِعَهُمْ أَسَدٌ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ انْخَذَلَ خَاقَانُ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَلَيْهِمُ الْخَزُّ، وَمَعَهُمُ الْكُوسَاتُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْمُسْلِمُونَ أَمَرَ بِالْكُوسَاتِ فَضُرِبَتْ ضَرْبَ الِانْصِرَافِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الِانْصِرَافَ، فَتَقَدَّمَ الْمُسْلِمُونَ، فَاحْتَاطُوا عَلَى مُعَسْكَرِهِمْ، فَاحْتَازُوهُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَمْتِعَةِ الْعَظِيمَةِ، وَالْأَوَانِي مِنَ النَّقْدِ، وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمَاتِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، لِكَثْرَتِهِ وَعِظَمِ قِيمَتِهِ وَحُسْنِهِ، غَيْرَ أَنَّ خَاقَانَ كَانَ قَدْ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ بِخِنْجَرٍ فَقَتَلَهَا، فَوَصَلَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْعَسْكَرِ، وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ تَتَحَرَّكُ، وَوَجَدُوا قُدُورَهُمْ تَغْلِي بِأَطْعِمَاتِهِمْ، وَهَرَبَ خَاقَانُ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ الْمُدُنِ، فَتَحَصَّنَ بِهَا، فَاتُّفِقَ أَنَّهُ لَعِبَ بِالنَّرْدِ مَعَ بَعْضِ أُمَرَائِهِ،