ثُمَّ أَخَذَ الْخِطَامَ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يُقْتَلُ بَعْدَ صَاحِبِهِ، فَكَانَ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْمَعْرُوفُ بِالسَّجَّادِ، فَقَالَ لِعَائِشَةَ: مُرِينِي بِأَمْرِكِ يَا أُمَّاهُ. فَقَالَتْ: آمُرُكَ أَنْ تَكُونَ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ. فَامْتَنَعَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَثَبَتَ فِي مَكَانِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: حم لَا يُنْصَرُونَ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ نَفَرٌ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعِي قَتْلَهُ، وَقَدْ طَعَنَهُ بَعْضُهُمْ بِحَرْبَةٍ فَأَنْفَذَهُ وَقَالَ:
وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلِ الْأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ
هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
يُنَاشِدُنِي حم وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلَّا تَلَا حم قَبْلَ التَقَدُّمِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لَا يَتْبَعِ الْحَقَّ يَنْدَمِ
وَأَخَذَ الْخِطَامَ عَمْرُو بْنُ الْأَشْرَفِ، فَجَعَلَ لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا خَطَمَهُ بِالسَّيْفِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْحَارِثُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيُّ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا أُمَّنَا يَا خَيْرَ أُمٍّ نَعْلَمُ ... أَمَا تَرَيْنَ كَمْ شُجَاعٍ يُكْلَمُ
وَتُخْتَلَى هَامَتُهُ وَالْمِعْصَمُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَأَحْدَقَ أَهْلُ النَّجَدَاتِ