وَضَرَبَهُ عَمَّارٌ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ، وَأَخَذَهُ أَسِيرًا إِلَى بَيْنِ يَدَيْ عَلِيٍّ فَقَالَ: اسْتَبْقِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: أَبَعْدَ ثَلَاثَةٍ تَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. وَاسْتَمَرَّ زِمَامُ الْجَمَلِ بِيَدِ رَجُلٍ بَعْدَهُ كَانَ قَدِ اسْتَنَابَهُ فِيهِ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَبِيعَةُ الْعَقِيلِيُّ، فَتَجَاوَلَا حَتَّى قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَأَخَذَ الزِّمَامَ الْحَارِثُ الضَّبِّيُّ، فَمَا رُئِيَ أَشَدَّ مِنْهُ وَجَعَلَ يَقُولُ:
نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلْ ... نُبَارِزُ الْقِرْنَ إِذَا الْقِرْنُ نَزَلْ
نَنْعَى ابْنَ عَفَّانَ بَأَطْرَافِ الْأَسَلْ ... الْمَوْتُ أَحْلَى عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلْ
رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا ثُمَّ بَجَلْ
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِوَسِيمِ بْنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ.
وَكُلَّمَا قُتِلَ وَاحِدٌ مِمَّنْ يُمْسِكُ الْجَمَلَ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ، حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا زَالَ جَمَلِي مُعْتَدِلًا حَتَّى فَقَدْتُ أَصْوَاتَ بَنِي ضَبَّةَ.