بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مُنَازِلٌ مَدِينَةَ بَهُرَسِيرَ، وَهِيَ إِحْدَى مَدِينَتَيْ كِسْرَى مِمَّا يَلِي دِجْلَةَ مِنَ الْغَرْبِ، وَكَانَ قُدُومُ سَعْدٍ إِلَيْهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَاسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَهُوَ نَازِلٌ عِنْدَهَا، وَقَدْ بَعَثَ السَّرَايَا وَالْخُيُولَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمْ يَجِدُوا وَاحِدًا مِنَ الْجُنْدِ، بَلْ جَمَعُوا مِنَ الْفَلَّاحِينَ مِائَةَ الْفٍ، فَحُبِسُوا حَتَّى كَتَبَ إِلَى عُمَرَ مَا يَفْعَلُ بِهِمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْفَلَّاحِينَ لَمْ يُعِنْ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلَدِهِ، فَهُوَ أَمَانُهُ، وَمَنْ هَرَبَ فَأَدْرَكْتُمُوهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ. فَأَطْلَقَهُمْ سَعْدٌ بَعْدَ مَا دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَبَوْا إِلَّا الْجِزْيَةَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ غَرْبِيِّ دِجْلَةَ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ أَحَدٌ مِنَ الْفَلَّاحِينَ إِلَّا تَحْتَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ.
وَامْتَنَعَتْ بَهُرَسِيرَ مِنْ سَعْدٍ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ سَلْمَانَ