وَهُوَ قَاضِي الرَّكْبِ. وَفِيهِ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي عَمَرَهُ أُلْجَيْبُغَا غَرْبِيَّ دَارِ الطُّعْمِ، وَدَخَلَهُ النَّاسُ.
وَفِي أَوَاخِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ مِنْ عِنْدِ مَلِكِ التَّتَرِ الْخَوَاجَا مَجْدُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ السَّلَامِيُّ، وَفِي صُحْبَتِهِ هَدَايَا وَتُحَفٌ لِصَاحِبِ مِصْرَ مِنْ مَلِكِ التَّتَرِ، وَاشْتَهَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّتَرِ، فَتَلَقَّاهُ الْجُنْدُ وَالدَّوْلَةُ، وَنَزَلَ بِدَارِ السَّعَادَةِ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ.
وَفِيهَا وَقَفَ النَّاسُ بِعَرَفَاتٍ مَوْقِفًا عَظِيمًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، أَتَوْهُ مِنْ جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَكَانَ مَعَ الْعِرَاقِيِّينَ مَحَامِلُ كَثِيرَةٌ، مِنْ جُمْلَتِهَا مَحْمَلٌ قُوِّمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَاللَّآلِئِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ مِصْرِيَّةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الدِّهِسْتَانِيُّ، وَكَانَ قَدْ أَسَنَّ وَعُمِّرَ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ عُمْرَهُ كَانَ حِينَ أَخَذَتِ التَّتَرُ بَغْدَادَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِزَاوِيَتِهِ الَّتِي عِنْدَ سُوقِ الْخَيْلِ بِدِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِهَا وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ مِائَةٌ وَأَرْبَعُ سِنِينَ، كَمَا قَالَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّحَّامُ الْمُقْرِئُ، شَيْخُ مِيعَادِ ابْنِ عَامِرٍ