كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى سُعَادَ وَدُونَهَا ... قُلَلُ الْجِبَالِ وَدُونَهُنَّ حُتُوفُ
الرِّجْلُ حَافِيَةٌ وَمَا لِي مَرْكَبٌ ... وَالْكَفُّ صِفْرٌ وَالطَّرِيقُ مَخُوفُ
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ خُطِبَ لَقَازَانَ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ بِحُضُورِ الْمَغُولِ بِالْمَقْصُورَةِ، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى السُّدَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقُرِئَ عَلَيْهَا مَرْسُومٌ بِنِيَابَةِ قَبْجَقَ عَلَى الشَّامِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَعْيَانُ فَهَنَّئُوهُ بِذَلِكَ، فَأَظْهَرَ الْكَرَامَةَ، وَأَنَّهُ فِي تَعَبٍ عَظِيمٍ مَعَ التَّتَارِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي طَلَبِ الْخُيُولِ الَّتِي عِنْدَ النَّاسِ وَالْأَمْوَالِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ عَلَى التَّتَارِ، وَنَزَلَ شَيْخُ الْمَشَايِخِ نِظَامُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ.
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ النِّصْفِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ شَرَعَتِ التَّتَارُ وَصَاحِبُ سِيسَ فِي نَهْبِ الصَّالِحِيَّةِ، فَوَجَدُوا فِيهَا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْغَلَّاتِ، وَقَلَّعُوا الْأَبْوَابَ وَالشَّبَابِيكَ، وَخَرَّبُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً ; كَالرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمَاكِنِ الْحَسَنَةِ وَالْمَارَسْتَانِ بِالصَّالِحِيَّةِ وَمَسْجِدِ الْأَسَدِيَّةِ وَمَسْجِدِ خَاتُونَ وَدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ بِهَا، وَاحْتَرَقَ جَامِعُ التَّوْبَةِ بِالْعَقِيبَةِ، وَكَانَ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْكُرْجِ وَالْأَرْمَنِ مِنَ النَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ مَعَ التَّتَارِ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَبَوْا مَنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا وَجَمًّا غَفِيرًا، وَلَجَأَ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَى رِبَاطِ الْحَنَابِلَةِ، فَاحْتَاطَ بِهِ التَّتَارُ، فَحَمَاهُ مِنْهُمْ شَيْخُ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورُ، وَأُعْطِيَ فِي السَّاكِنِ مَالٌ لَهُ صُورَةٌ، ثُمَّ قَحَمُوا عَلَيْهِ، فَسَبَوْا مِنْهُ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ بَنَاتِ الْمَشَايِخِ وَأَوْلَادِهِمْ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.