فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ وَكَانَ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمَ الْعَبَّاسِيَّ، وَنَائِبُ مِصْرَ حُسَامَ الدِّينِ طُرُنْطَايَ، وَنَائِبُ الشَّامِ حُسَامَ الدِّينِ لَاجِينَ، وَقُضَاةُ الشَّامِ شِهَابَ الدِّينِ بْنَ الْخَوِّييِّ الشَّافِعِيَّ، وَحُسَامَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ، وَنَجْمَ الدِّينِ بْنَ شَيْخِ الْجَبَلِ الْحَنْبَلِيَّ، وَجَمَالَ الدِّينِ الزَّوَاوِيَّ الْمَالِكِيَّ.
وَجَاءَ الْبَرِيدُ بِطَلَبِ شَمْسِ الدِّينِ سُنْقُرَ الْأَعْسَرِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ وَقَوَّاهُ، وَشَدَّ يَدَهُ، وَأَمَرَهُ بِاسْتِخْلَاصِ الْأَمْوَالِ، وَزَادَهُ شَدَّ الْجُيُوشِ، وَالْكَلَامَ عَلَى الْحُصُونِ إِلَى الْبِيرَةِ وَكَخْتَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَوِيَتْ نَفْسُهُ وَزَادَ تَجَبُّرُهُ، وَلَكِنْ كَانَ يَرْجِعُ إِلَى مُرُوءَةٍ وَسَتْرٍ، وَيَنْفَعُ مَنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ، وَذَلِكَ مَوَدَّةٌ فِي الدُّنْيَا فِي أَيَّامٍ قَلَائِلَ.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ جَاءَ الْبَرِيدُ بِالْكَشْفِ عَلَى نَاصِرِ الدِّينِ بْنِ الْمَقْدِسِيِّ وَكَيْلِ بَيْتِ الْمَالِ وَنَاظِرِ الْخَاصِّ وَالْأَوْقَافِ، فَظَهَرَتْ عَلَيْهِ مَخَازٍ مِنْ أَكَلِ الْأَوْقَافِ وَغَيْرِهَا، فَرُسِمَ عَلَيْهِ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ، وَطُولِبَ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ،