عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَاهِرِ

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَبُو طَالِبٍ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ الْعَجَمِيِّ الْحَلَبِيُّ الشَّافِعِي، مِنْ بَيْتِ الْعِلْمِ وَالرِّئَاسَةِ بِحَلَبَ، دَرَّسَ بِالظَّاهِرِيَّةِ، وَوَقَفَ مَدْرَسَةً بِهَا، وَدُفِنَ بِهَا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ حِينَ دَخَلَتِ التَّتَارُ حَلَبَ فِي صَفَرٍ، فَعَذَّبُوهُ بِأَنْ صَبُّوا عَلَيْهِ مَاءً بَارِدًا فِي الشِّتَاءِ، فَتَشَنَّجَ حَتَّى مَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ قُطُزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

سَيْفُ الدِّينِ التُّرْكِيُّ، أَخَصُّ مَمَالِيكِ الْمَلِكِ الْمُعِزِّ التُّرْكُمَانِيِّ، أَحَدُ مَمَالِيكِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا قُتِلَ أُسْتَاذُهُ الْمُعِزُّ قَامَ فِي تَوْلِيَةِ ابْنِ أُسْتَاذِهِ الْمَنْصُورِ نُورِ الدِّينِ عَلِيٍّ، فَلَمَّا سَمِعَ بِأَمْرِ التَّتَارِ خَافَ أَنْ تَخْتَلِفَ الْكَلِمَةُ بِسَبَبِ صِغَرِ ابْنِ أُسْتَاذِهِ، فَعَزَلَهُ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، فَبُويِعَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى التَّتَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ كَمَا ذَكَرْنَا بِعَيْنِ جَالُوتَ، وَقَدْ كَانَ شُجَاعًا بَطَلًا، كَثِيرَ الْخَيْرِ، مُمَالِئًا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَهُمْ يُحِبُّونَهُ.

ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِالْمَعْرَكَةِ يَوْمَ عَيْنِ جَالُوتَ قُتِلَ جَوَادُهُ، وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ مِنَ الْوَشَاقِيَّةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ الْجَنَائِبُ، فَتَرَجَّلَ وَبَقِيَ وَاقِفًا كَذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ ثَابِتًا فِي مَحَلِّ الْمَعْرَكَةِ وَمَوْضِعِ السَّلْطَنَةِ مِنَ الْقَلْبِ، فَلَمَّا رَآهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ تَرَجَّلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَحَلَفَ عَلَى السُّلْطَانِ لِيَرْكَبَ، فَامْتَنَعَ السُّلْطَانُ وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَحْرِمَ الْمُسْلِمِينَ نَفْعَكَ.

وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى جَاءَتِ الْوَشَاقِيَّةُ فَرَكِبَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015