الْقَضَاءَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى. ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَشَقَّ عَلَى السُّلْطَانِ امْتِنَاعُهُ، وَهَمَّ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَقِيلَ لَهُ: احْمَدِ اللَّهَ الَّذِي فِي بِلَادِكَ مِثْلُ هَذَا، وَلَمَّا تُوُفِّيَ الْعَادِلُ، وَأَعَادَ ابْنُهُ الْمُعَظَّمُ الْخُمُورَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ، فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، فَانْتَزَعَ مِنْهُ تَدْرِيسَ الصَّلَاحِيَّةِ الَّتِي بِالْقُدْسِ وَتَدْرِيسَ التَّقْوِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى الْجَارُوخِيَّةِ وَدَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَمَشْهَدِ ابْنِ عُرْوَةَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ عَاشِرَ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَحُمِلَتْ جَنَازَتُهُ إِلَى مَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، فَدُفِنَ بِهَا، فِي أَوَّلِهَا قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ شَيْخِهِ قُطْبِ الدِّينِ مَسْعُودٍ.
ابْنِ عُرْوَةَ، شَرَفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ الْمَوْصِلِيُّ، الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ مَشْهَدُ ابْنِ عُرْوَةَ، وَيَقُولُ النَّاسُ: مَشْهَدُ عُرْوَةَ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ; لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ فَتَحَهُ، وَقَدْ كَانَ مَشْحُونًا بِالْحَوَاصِلِ الْجَامِعِيَّةِ، وَبَنَى فِيهِ الْبِرْكَةَ، وَوَقَفَ فِيهِ عَلَى الْحَدِيثِ دَرْسًا، وَوَقَفَ خَزَائِنَ كُتُبٍ فِيهِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْ خَوَاصَّ أَصْحَابِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ، فَانْتَقَلَ إِلَى