اشْتَغَلَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ مِنْ صِغَرِهِ بِالْعِلْمِ الشَّرِيفِ عَلَى شَيْخِهِ قُطْبِ الدِّينِ مَسْعُودِ النَّيسَابُورِيِّ، وَتَزَوَّجَ بِابْنِتِهِ، وَدَرَسَ مَكَانَهُ بِالْجَارُوخِيَّةِ، وَبِهَا كَانَ يَسْكُنُ فِي إِحْدَى الْقَاعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَنْشَأَهُمَا، وَبِهَا تُوُفِّيَ غَرْبِيَّ الْإِيوَانِ، ثُمَّ تَوَلَّى تَدْرِيسَ الصَّلَاحِيَّةِ النَّاصِرِيَّةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْعَادِلُ تَدْرِيسَ التَّقْوِيَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَعْيَانُ الْفُضَلَاءِ، ثُمَّ تَفَرَّغَ، فَلَزِمَ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْجَامِعِ فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ إِلَى جَانِبِ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، يَخْلُو فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمُطَالَعَةِ وَالْفَتَاوَى. وَكَانَتْ تَفِدُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَقْطَارِ. وَكَانَ كَثِيرَ الذِّكْرِ، حَسَنَ السَّمْتِ، وَكَانَ يَجْلِسُ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ مَكَانَ عَمِّهِ لِإِسْمَاعَ الْحَدِيثَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَمَشْهَدَ ابْنِ عُرْوَةَ أَوَّلَ مَا فُتِحَ، وَقَدِ اسْتَدْعَاهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ بَعْدَ مَا عَزَلَ قَاضِيَهُ زَكِيَّ الدِّينِ، فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ وَقْتَ السِّمَاطِ، وَسَأَلَ مِنْهُ أَنْ يَلِيَ