وَالصَّدَقَاتِ، عَمَّرَتِ الْمَصَانِعَ بِطَرِيقِ الْحِجَازِ الشَّرِيفِ، وَأَصْلَحَتِ الطُّرُقَاتِ، وَبَنَتْ لَهَا تُرْبَةً إِلَى جَانِبِ قَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهَا مَشْهُودَةً جِدًّا، وَاسْتَمَرَّ الْعَزَاءُ بِسَبَبِهَا شَهْرًا، عَاشَتْ فِي خِلَافَةِ وَلَدِهَا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً نَافِذَةَ الْكَلِمَةِ مُطَاعَةَ الْأَوَامِرِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَوْلِدُ الشَّيْخِ شِهَابِ - الدِّينِ أَبِي شَامَةَ، وَقَدْ تَرْجَمَ نَفْسَهُ عِنْدَ ذِكْرِ مَوْلِدِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي " الذَّيْلِ " تَرْجَمَةً مُطَوَّلَةً، فَيُنْقَلُ إِلَى سَنَةِ وَفَاتِهِ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَكَرَ بَدْءَ أَمْرِهِ وَاشْتِغَالِهِ، وَمُصَنَّفَاتِهِ وَشَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَشْعَارِهِ، وَمَا رُئِيَ لَهُ مِنَ الْمَنَامَاتِ الْمُبَشِّرَةِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ ابْتِدَاءُ مَلِكِ جِنْكِزْخَانَ مَلِكِ التَّتَارِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - وَجِنْكِزْخَانُ هُوَ صَاحِبُ الْيَاسِقِ، وَضَعَهَا لِيَتَحَاكَمَ إِلَيْهَا التَّتَارُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أُمَرَاءِ التُّرْكِ - مِمَّنْ يَبْتَغِي حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ - وَهُوَ وَالِدُ تُولِي، وَجَدُّ هُولَاكُو بْنِ تُولِي - الَّذِي قَتَلَ الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَعْصِمَ وَأَهْلَ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.