يَطْلُبُهَا وَتَطْلُبُ مَنْ يَهْرُبُ مِنْهَا. وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى:
مَثَلُ الرِّزْقِ الَّذِي تَطْلُبُهُ ... مَثَلُ الظِّلِّ الَّذِي يَمْشِي مَعَكْ
أَنْتَ لَا تُدْرِكُهُ مُتَّبِعًا ... فَإِذَا وَلَّيْتَ عَنْهُ تَبِعَكْ
وَكَانَ فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَأَسْمَعَهُ وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ مِنْ وَقْتِ السَّحَرِ إِلَى أَنْ يَرْكَبَ:
جَمَعَ الشَّجَاعَةَ وَالْخُشُوعَ لَدَيْهِ ... مَا أَحْسَنَ الْمِحْرَابَ فِي الْمِحْرَابِ
وَكَذَلِكَ كَانَتْ زَوْجَتُهُ عِصْمَتُ الدِّينِ خَاتُونُ بِنْتُ الْأَتَابِكِ مُعِينِ الدِّينِ أَنُرَ، تُكْثِرُ قِيَامَ اللَّيْلِ فَنَامَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَنْ وِرْدِهَا فَأَصْبَحَتْ وَهِيَ غَضْبَى، فَسَأَلَهَا عَنْ أَمْرِهَا فَذَكَرَتْ مَا حَصَلَ لَهَا مِنَ النَّوْمِ الَّذِي قَطَعَهَا عَنْ وِرْدِهَا، فَأَمَرَ بِضَرْبِ طَبْلَخَانَةٍ فِي الْقَلْعَةِ وَقْتَ السَّحَرِ ; لِيُوقِظَهَا وَأَمْثَالَهَا مِنَ النَّوْمِ لِقِيَامِ اللَّيْلِ:
وَأَلْبَسَ اللَّهُ هَاتِيكَ الْعِظَامَ وَإِنْ ... بَلِينَ تَحْتَ الثَّرَى عَفْوًا وَغُفْرَانَا
سَقَى ثَرًى أُودِعُوهُ رَحْمَةً مَلَأَتْ ... مَثْوَى قُبُورِهِمُ رَوْحًا وَرَيْحَانَا
وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ الْمَلِكَ نُورَ الدِّينِ بَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ إِذْ رَأَى رَجُلًا يُحَدِّثُ آخَرَ وَيُومِئُ إِلَيْهِ فَبَعَثَ الْحَاجِبَ ; لِيَسْأَلَهُ مَا شَأْنُهُ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مَعَهُ رَسُولٌ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ حَقًّا يُرِيدُ