قَالَ قُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى آتِيَهُ وَأُومِنَ بِهِ، فَنَصَبْتُ رِجْلِي فِي غَرْزِ رَاحِلَتِي وَقُلْتُ:
أَرْشِدْنِي أَرْشِدْنِي هُدِيتَا ... لَا جُعْتَ مَا عِشْتَ وَلَا عَرِيتَا
وَلَا بَرِحْتَ سَيِّدًا مَقِيتًا ... لَا تُؤْثِرِ الْخَيْرَ الَّذِي أُتِيتَا
عَلَى جَمِيعِ الْجِنِّ مَا بَقِيَتَا
فَقَالَ:
صَاحَبَكَ اللَّهُ وأدى رحلكا ... وعظم الأجر وعافا نَفْسَكَا
آمِنْ بِهِ أَفْلَجَ رَبِّي حَقَّكَا ... وَانْصُرْهُ نصرا عزيزا نَصْرَكَا
قَالَ قُلْتُ مَنْ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ، حَتَّى أُخْبِرَهُ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ أَنَا ملك بن ملك، وَأَنَا نَقِيبُهُ عَلَى جِنِّ نَصِيبِينَ وَكَفَيْتُ إِبِلَكَ حَتَّى أَضُمَّهَا إِلَى أَهْلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّاسُ أَرْسَالٌ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقُلْتُ أُنِيخُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ فَأُسَلِّمُ وَأُخْبِرُهُ عَنْ إِسْلَامِي، فَلَمَّا أَنَخْتُ خَرَجَ إِلَيَّ أَبُو ذَرٍ فَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا وَسَهْلًا قَدْ بَلَغَنَا إِسْلَامُكَ، فَادْخُلْ فَصَلِّ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي بِإِسْلَامِي. فَقُلْتُ الْحَمْدُ للَّه. قَالَ «أَمَا إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ وَفَّى لَكَ وَهُوَ أَهْلُ ذَلِكَ، وَأَدَّى إِبِلَكَ إِلَى أَهْلِكَ» . [1] وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ مِنْ مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ قَائِلًا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْيَسِيرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْإِسْكَنْدَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِي، قَالَ بَلَى! فَذَكَرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَخَرَجَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ ادْخُلْ، فَقَدْ بَلَغَنَا إِسْلَامُكَ، فَقُلْتُ لَا أُحْسِنُ الطُّهُورَ، فَعَلِّمْنِي فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ وَهُوَ يَقُولُ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً يَحْفَظُهَا وَيَعْقِلُهَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» فَقَالَ لِي عُمَرُ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأُنَكِّلَنَّ بِكَ، فَشَهِدَ لِي شَيْخُ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَازَ شهادته. ثم رواه عن محمد بن عمان بن أبى شيبة عن محمد بن تيم عن محمد بن خليفة عن محمد بن الحسن عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِخُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ يُعْجِبُنِي فَذَكَرَ مِثْلَ السِّيَاقِ الْأَوَّلِ سَوَاءً.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا سليمان بن عبد الرحمن ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ بَلَغَنَا أَنَّكَ تَذْكُرُ سَطِيحًا تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ، لَمْ يَخْلُقْ مِنْ بَنِي آدَمَ شَيْئًا يُشْبِهُهُ؟ قَالَ قَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَطِيحًا الْغَسَّانِيَّ لَحْمًا عَلَى وَضَمٍ [2] ولم يكن فيه عظم ولا