إِلَى خَيْرِ مَنْ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ كُلِّهَا ... وَأَفْضَلِهَا عِنْدَ اعْتِكَارِ الضَّرَائِرِ
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا تَقَطَّعَتْ ... بُطُونُ الْأَعَادِي بِالظُّبَا وَالْخَوَاطِرِ
فَنَحْنُ قبيل قد بنى المجد حولنا ... إذا اجتلبت في لحرب هَامُ الْأَكَابِرِ
بَنُو الْحَرْبِ نَفْرِيهَا بِأَيْدٍ طَوِيلَةٍ ... وَبِيضٍ تَلَأْلَأَ فِي أَكُفِّ الْمَغَاوِرِ
تَرَى حَوْلَهُ الْأَنْصَارَ تَحْمِي أَمِيرَهُمْ ... بِسُمْرِ الْعَوَالِي وَالصِّفَاحِ الْبَوَاتِرِ
إِذَا الْحَرْبُ دَارَتْ عِنْدَ كُلِّ عَظِيمَةٍ ... وَدَارَتْ رَحَاهَا بِاللِّيُوثِ الْهَوَاصِرِ
تَبَلَّجَ مِنْهُ اللَّوْنُ وَازْدَادَ وَجْهُهُ ... كَمِثْلِ ضِيَاءِ الْبَدْرِ بَيْنَ الزَّوَاهِرِ
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله حدثنا المجالد ابن سَعِيدٍ وَالْأَجْلَحُ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ: مَرِضَ مِنَّا رَجُلٌ مَرَضًا شَدِيدًا فَثَقُلَ حَتَّى حَفَرْنَا لَهُ قَبْرَهُ وَهَيَّأْنَا أَمْرَهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَأَفَاقَ فَقَالَ أحفرتم لي؟ قالوا نعم، فقال فَمَا فَعَلَ الْفَصْلُ- وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ- قُلْنَا صَالِحٌ مَرَّ آنِفًا يَسْأَلُ عَنْكَ، قَالَ أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يُجْعَلَ فِي حُفْرَتِي إِنَّهُ أَتَانِي آتٍ حِينَ أُغْمِيَ عَلَيَّ فَقَالَ ابْكِ هُبَلْ؟ أَمَا تَرَى حُفْرَتَكَ تُنْتَثَلْ، وَأُمُّكَ قَدْ كَادَتْ تَثْكَلْ؟ أَرَأَيْتُكَ إِنْ حَوَّلْنَاهَا عَنْكَ بالمحول، ثم ملأناها بالجندل، وقذفنا فيها الفصل، الَّذِي مَضَى فَأَجْزَأَكْ، وَظَنَّ أَنْ لَنْ يَفْعَلْ. أَتَشْكُرُ لِرَبِّكَ، وَتُصَلِّ وَتَدَعُ دِينَ مَنْ أَشْرَكَ وَضَلَّ؟ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ قُمْ قَدْ برئت. قال فبرئ الرجل. ومات الفصل فجعل في حفرته. قال الجهينى: فرأيت الجهينى بَعْدَ ذَلِكَ يُصَلِّي وَيَسُبُّ الْأَوْثَانَ وَيَقَعُ فِيهَا.
وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَجْلِسٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنِ الْجِنِّ، فَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ الْأَسَدِيُّ: أَلَا أُحَدِّثُكَ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامِي؟ قَالَ بَلَى، قَالَ إِنِّي يَوْمًا فِي طَلَبِ ذَوْدٍ لِي أَنَا مِنْهَا عَلَى أَثَرٍ تَنْصَبُ وَتَصْعَدُ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِأَبْرَقِ الْعِرَاقِ أَنَخْتُ رَاحِلَتِي وَقُلْتُ أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَعُوذُ بِرَئِيسِ هَذَا الْوَادِي، فَإِذَا بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ بِي:
ويحك، عذ باللَّه ذي الجلال ... والمجد والعلياء وَالْإِفْضَالِ
ثُمَّ اتْلُ آيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ ... وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِي
قَالَ فَذُعِرْتُ ذُعْرًا شَدِيدًا ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَقُلْتُ:
يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ ... أَرَشَدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ؟
بَيِّنْ هَدَاكَ اللَّهُ مَا الْحَوِيلُ
قَالَ فَقَالَ:
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ ... بِيَثْرِبَ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ
يَأَمْرُ بِالْبِرِّ وَبِالصَّلَاةِ ... وَيَزَعُ النَّاسَ عن الهنات