فَهُوَ مُوسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَعَةَ بْنِ مَالِكٍ الْعُقَيْلِيُّ، أَبُو الْفَتْحِ الْمَوْصِلِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِهَا، وَمُدَرِّسٌ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ فِيهَا، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْمَعْقُولَاتِ وَالْمَنْطِقِ وَالْحِكْمَةِ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطلبة من البلدان، وبلغ ثمانيا وَثَمَانِينَ عَامًا، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. فَمِنْ ذَلِكَ ما امتدح به البدر لؤلؤ صاحب الموصل وهو قوله:
لئن زينت الدنيا بمالك أمرها ... فَمَمْلَكَةُ الدُّنْيَا بِكُمْ تَتَشَرَّفُ
بَقِيتَ بَقَاءَ الدَّهْرِ أمرك نافذ ... وسعيك مشكور وحكمك ينصف
كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ: عَبْدُ الْوَاحِدِ الصُّوفِيُّ
الَّذِي كَانَ قَسًّا رَاهِبًا في كنيسة مَرْيَمَ سَبْعِينَ سَنَةً، أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ شَيْخًا كَبِيرًا بَعْدَ أَنْ أَقَامَ بِخَانْقَاهِ السُّمَيْسَاطِيَّةِ أَيَّامًا، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ حَافِلَةٌ، حَضَرْتُ دَفْنَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ابن الموفق بن أبى على البوسنجي الْوَاعِظُ، شَيْخُ رِبَاطِ الْأُرْجُوَانِيَّةِ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: كَانَ جَمِيلَ الصُّورَةِ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ كَثِيرَ التَّوَدُّدِ والتواضع، متكلما متفوها مَنْطِقِيًّا حَسَنَ الْعِبَارَةِ جِيِّدَ الْوَعْظَ طَيِّبَ الْإِنْشَادِ عَذْبَ الْإِيرَادِ، لَهُ نَظْمٌ حَسَنٌ، ثُمَّ سَاقَ عَنْهُ قَصِيدَةً يَمْدَحُ بِهَا الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَنْصِرَ.
ابن المظفر بن علم بن نعيم المعروف بابن الحسر السَّلَامِيِّ، شَيْخٌ عَالِمٌ فَاضِلٌ، كَانَ حَنْبَلِيًّا ثُمَّ صَارَ شَافِعِيًّا، وَدَرَّسَ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ بِبَغْدَادَ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَكَانَ أَحَدَ الْمُعَدِّلِينَ بِهَا، تَوَلَّى مُبَاشَرَاتٍ كَثِيرَةً، وَكَانَ فَقِيهًا أُصُولِيًّا عَالِمًا بِالْخِلَافِ، وَتَقَدَّمَ بِبَلَدِهِ وَعَظُمَ كَثِيرًا، ثُمَّ اسْتَنَابَهُ ابْنُ فَضْلَانَ بِدَارِ الْحَرِيمِ، ثُمَّ صَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِبَغْلَةٍ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ، وَمَا زَالَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ.
قَاضِي الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ
أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ الشَّافِعِيُّ، اشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ وَحَصَّلَ وَأَعَادَ فِي بَعْضِ الْمَدَارِسِ، ثُمَّ اسْتَنَابَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ فِي أَيَّامِ الْخَلِيفَةِ الظَّاهِرِ بْنِ النَّاصِرِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ مُسْتَقِلًّا، ثُمَّ وَلِيَ تَدْرِيسَ الْمُسْتَنْصِرِيَّةِ بَعْدَ