وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَوَّالٍ وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ.
منسوب إلى بيت أَتَابَكَ، قَدِمَ بَغْدَادَ مَعَ رَسُولِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ لُؤْلُؤٍ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي، اجْتَمَعْتُ بِهِ وَهُوَ شَابٌّ أَدِيبٌ فَاضِلٌ، يَكْتُبُ خَطًّا حَسَنًا فِي غَايَةِ الْجَوْدَةِ، وَيَنْظِمُ شِعْرًا جَيِّدًا، ثُمَّ رَوَى عنه شيئا من شعره. قَالَ وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مَحْبُوسًا.
فِيهَا قَصَدَ الْمَلِكُ الْجَوَادُ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ لِيَكُونَ فِي خِدْمَةِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الرَّمْلِ تَوَهَّمَ مِنْهُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ وَأَرْسَلَ إليه كمال الدين ابن الشَّيْخِ لِيَقْبِضَ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ الْجَوَادُ فَاسْتَجَارَ بِالنَّاصِرِ دَاوُدَ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَبَعَثَ منه جَيْشًا فَالْتَقَوْا مَعَ ابْنِ الشَّيْخِ فَكَسَرُوهُ وَأَسَرُوهُ فَوَبَّخَهُ النَّاصِرُ دَاوُدُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَأَقَامَ الْجَوَادُ فِي خِدْمَةِ النَّاصِرِ حَتَّى تَوَهَّمَ مِنْهُ فَقَيَّدَهُ وَأَرْسَلَهُ تَحْتَ الْحَوْطَةِ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَطْلَقَهُ بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ عَنْ قُوَّةٍ فَلَجَأَ إِلَى صَاحِبِ دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْفِرِنْجِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ فَحَبَسَهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بِعَزَّتَا إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ كَمَا سَيَأْتِي.
وَفِيهَا شَرَعَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ فِي بِنَاءِ الْمَدَارِسِ بِمِصْرَ، وَبَنَى قَلْعَةً بِالْجَزِيرَةِ غَرِمَ عَلَيْهَا شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَأَخَذَ أَمْلَاكَ النَّاسِ وَخَرَّبَ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ مَسْجِدًا، وَقَطَعَ أَلْفَ نَخْلَةٍ. ثُمَّ أَخْرَبَهَا التُّرْكُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِيهَا رَكِبَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَلِكِ الْمُجَاهِدِ صَاحِبِ حِمْصَ وَمَعَهُ الْحَلَبِيُّونَ، فَاقْتَتَلُوا مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ بِأَرْضِ حَرَّانَ، فَكَسَرُوهُمْ وَمَزَّقُوهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَعَادُوا مَنْصُورِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَاصْطَلَحَ شِهَابُ الدِّينِ غَازِيٌّ صَاحِبُ مَيَّافَارِقِينَ مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ وَآوَاهُمْ إِلَى بَلَدِهِ لِيَكُونُوا مِنْ حِزْبِهِ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيهَا كَانَ دُخُولُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَأَكْرَمَهُ صَاحِبُهَا وَوَلَّاهُ الْخَطَابَةَ بِالْقَاهِرَةِ وَقَضَاءَ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ، بَعْدَ وَفَاةِ الْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ المرقع ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ مَرَّتَيْنِ وَانْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ رحمه الله تعالى.
قال:
الشَّمْسُ بْنُ الْخَبَّازِ النَّحْوِيُّ الضَّرِيرُ فِي سَابِعِ رَجَبٍ. وَالْكَمَالُ بْنُ يُونُسَ الْفَقِيهُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَا فَاضِلَيْ بَلَدِهِمَا فِي فَنِّهِمَا. قلت. أما:
فَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَعَالِي بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَلِيٍّ، الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الخباز، اشتغل بعلم العربية وحفظ المفصل والإيضاح وَالتَّكْمِلَةَ وَالْعَرُوضَ وَالْحِسَابَ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْمُجْمَلَ فِي اللُّغَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ كَثِيرَ النَّوَادِرِ وَالْمُلَحِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ جَيِّدَةٌ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عاشر رَجَبٍ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسُونَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا: