بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
في يوم الثلاثاء مستهل المحرم منها وقعت فتنة بين أهل السنة والروافض، ثم سكّن الْفِتْنَةَ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنْ تَعْلِيقِ الْمُسُوحِ وَالنَّوْحِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِوُقُوعِ وَبَاءٍ شَدِيدٍ فِي الْبَصْرَةِ أَعْجَزَ الْحَفَّارِينَ، وَالنَّاسَ عَنْ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ، وَأَنَّهُ أَظَلَّتِ الْبَلَدَ سَحَابَةٌ في حزيران. فأمطرتهم مطرا شديدا. وفي يوم السبت ثالث صفر تولى المرتضى نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ وَالْمَظَالِمَ وَالْحَجَّ، وَجَمِيعَ مَا كَانَ يتولاه أخوه الرضى، وقرئ تقليده بحضرة الأعيان، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ عَنِ الحجاج بِأَنَّهُ هَلَكَ مِنْهُمْ بِسَبَبِ الْعَطَشِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ألفا، وسلم ستة آلاف، وأنهم شربوا بول الإبل من العطش. وَفِيهَا غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ فأخذه الأدلاء فسلكوا به عَلَى بِلَادٍ غَرِيبَةٍ فَانْتَهَوْا إِلَى أَرْضٍ قَدْ غَمَرَهَا الْمَاءُ مِنَ الْبَحْرِ فَخَاضَ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ أياما وخاض الجيش حَتَّى خَلَصُوا بَعْدَ مَا غَرِقَ كَثِيرٌ مِنْ جَيْشِهِ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ. ولم يحج فيها من العراق ركب لفساد البلاد من الاعراب.
إمام الشافعية، أحمد بن محمد بن أحمد إمام الشافعية في زمانه، ولد في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وقدم بَغْدَادَ وَهُوَ صَغِيرٌ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَدَرَسَ الْفِقْهَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ابن الْمَرْزُبَانِ، ثُمَّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ، وَلَمْ يزل تترقى به الأحوال حَتَّى صَارَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ