بإلقاء النار فيه فجعل النفط يحرق أَصْحَابَ الْكَوْكَبِيِّ فَفَرُّوا سِرَاعًا هَارِبِينَ، وَكَرَّ عَلَيْهِمْ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَهَرَبَ الكوكبي إلى الديلم، وتسلم موسى قزوين. وفيها حج بالناس عبد الله ابن محمد بن سليمان الزينبي.
وفيها تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ
أَبُو الْأَشْعَثِ. وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ.
وَسَرِيٌّ السَّقَطِيُّ
أَحَدُ كِبَارِ مَشَايِخِ الصوفية. تِلْمِيذُ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ. حَدَّثَ عَنْ هُشَيْمٍ وَأَبِي بكر بن عياش وعلى ابن عراب وَيَحْيَى بْنِ يَمَانٍ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَأَبُو الْحَسَنِ النُّورِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ السَّقَطِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَتْ لَهُ دُكَّانٌ يَتَّجِرُ فِيهَا فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ قَدِ انْكَسَرَ إِنَاءٌ كَانَ مَعَهَا تَشْتَرِي فِيهِ شَيْئًا لِسَادَتِهَا، فَجَعَلَتْ تَبْكِي فأعطاها سرى شيئا تشترى بَدَلَهُ، فَنَظَرَ مَعْرُوفٌ إِلَيْهِ وَمَا صَنَعَ بِتِلْكَ الْجَارِيَةِ فَقَالَ لَهُ: بَغَّضَ اللَّهُ إِلَيْكَ الدُّنْيَا فوجد الزهد من يومه. وَقَالَ سَرِيٌّ: مَرَرْتُ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَإِذَا معروف ومعه صَغِيرٌ شَعِثُ الْحَالِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هذا كان واقفا عند صبيان يلعبون بالجوز وهو مفكر، فقلت له: مالك لا تلعب كما يلعبون؟ فَقَالَ: أَنَا يَتِيمٌ وَلَا شَيْءَ مَعِي أَشْتَرِي بِهِ جَوْزًا أَلْعَبُ بِهِ. فَأَخَذْتُهُ لِأَجْمَعَ لَهُ نَوًى يَشْتَرِي بِهِ جَوْزًا يَفْرَحُ بِهِ.
فَقُلْتُ أَلَا أَكْسُوهُ وَأُعْطِيهِ شَيْئًا يَشْتَرِي بِهِ جَوْزًا؟ فقال أو تفعل؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ خُذْهُ أَغْنَى اللَّهُ قَلْبَكَ. قال سرى: فصغرت عندي الدنيا حتى لهى أَقَلَّ شَيْءٍ. وَكَانَ عِنْدَهُ مَرَّةً لَوْزٌ فَسَاوَمَهُ رَجُلٌ عَلَى الْكُرِّ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ دِينَارًا، ثُمَّ ذهب الرجل فإذا اللوز يساوى الكر تِسْعِينَ دِينَارًا فَقَالَ لَهُ:
إِنِّي أَشْتَرِي مِنْكَ الكر بتسعين دينارا. فقال له إني إنما ساومتك بثلاثة وستين دينارا وَإِنِّي لَا أَبِيعُهُ إِلَّا بِذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أنا أشترى منك بتسعين دينارا. فقال لا أبيعك هو إلا بما ساومتك عليه.
فقال له الرَّجُلُ: إِنَّ مِنَ النُّصْحِ أَنْ لَا أَشْتَرِيَ مِنْكَ إِلَّا بِتِسْعِينَ دِينَارًا. وَذَهَبَ فَلَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ.
وَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يَوْمًا إِلَى سَرِيٍّ فَقَالَتْ: إن ابني قد أخذه الحرسي وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَبْعَثَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لئلا يضرب، فقام فصلى فطول الصلاة وجعلت الْمَرْأَةُ تَحْتَرِقُ فِي نَفْسِهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَتِ الْمَرْأَةُ اللَّهَ اللَّهَ فِي وَلَدِي. فقال لها: إني إنما كنت في حاجتك. فما رام مجلسه الّذي صلى فيه حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقَالَتْ لها: ابشرى فقد أطلق ولدك وها هو في المنزل. فَانْصَرَفَتْ إِلَيْهِ. وَقَالَ سَرِيٌّ: أَشْتَهِي أَنْ آكُلَ أكلة ليس للَّه فيها على تَبِعَةٌ، وَلَا لِأَحَدٍ عَلَيَّ فِيهَا مِنَّةٌ. فَمَا أجد إلى ذلك سبيلا. وفي رواية عنه أنه قَالَ: إِنِّي لَأَشْتَهِي الْبَقْلَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً فما أقدر عليه. وقال:
احْتَرَقَ سُوقُنَا فَقَصَدْتُ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ دُكَّانِي فَتَلَقَّانِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَبْشِرْ فَإِنَّ دُكَّانَكَ قَدْ سلمت.
فقلت: الحمد للَّه. ثم ذكرت ذلك التحميد إذا حمدت الله على سلامة دنياي وإني لم أواس الناس فيما