بِالْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فَنَزَلَ الْمَرْقَبَ (?) فَفَتْحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَامِنَ عَشَرَ (?) صَفَرٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا الْحِصْنَ كَانَ مَضَرَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَتَّفِقْ فتحه لأحد من ملوك الإسلام لا للملك صلاح الدين، ولا للملك الظاهر ركن الدين بيبرس البند قداري، وفتح حوله بلنياس ومرقب وَهِيَ بَلْدَةٌ صَغِيرَةٌ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ عِنْدَ حِصْنٍ مَنِيعٍ جِدًّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ سَهْمٌ وَلَا حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ طَرَابُلُسَ فَهَدَمَهُ تَقَرُّبَا إِلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، وَاسْتَنْقَذَ الْمَنْصُورُ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَ الْفِرِنْجِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ثُمَّ عَادَ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ سَافَرَ بِالْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى الْقَاهِرَةِ.

وَفِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ (?) وُلِدَ لِلْمَنْصُورِ وَلَدُهُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ بْنُ قَلَاوُونَ، وَفِيهَا عُزِلَ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ عَنْ نَظَرِ الْجَامِعِ وَوَلِيَهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ، وَبَاشَرَ ابْنُ النَّحَّاسِ الْوِزَارَةَ عِوَضًا عَنِ التَّقِيِّ تَوْبَةَ التَّكْرِيتِيِّ، وَطُلِبَ التَّقِيُّ تَوْبَةُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَأُحِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَأَمْلَاكِهِ، وَعُزِلَ سَيْفُ الدِّينِ طَوْغَانُ عَنْ وِلَايَةِ المدينة [دمشق] ، وباشرها عز الدين بن أبي الهيجاء.

وممن توفي فيها

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِزُّ الدين محمد بن علي ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَدَّادٍ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَكَانَ فَاضِلًا مَشْهُورًا، لَهُ كِتَابُ سِيرَةِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، وكان معتنيا بالتاريخ.

البند قداري أُسْتَاذُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ، وَهُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ علاء الدين أيدكين البند قداري الصَّالِحِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ سَامَحَهُ اللَّهُ.

تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنهَا، وقدْ كَانَ الصالح نجم الدين صادر البند قداري هَذَا، وَأَخَذَ مِنْهُ مَمْلُوكَهُ بَيْبَرْسَ فَأَضَافَهُ إِلَيْهِ لِشَهَامَتِهِ وَنَهْضَتِهِ، فَتَقَدَّمَ عِنْدَهُ عَلَى أُسْتَاذِهِ وَغَيْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015