الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ منصور البياني (?) الشَّافِعِيُّ، تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا، وَكَانَ فَاضِلًا، وَلِيَ قَضَاءَ زُرْعَ ثُمَّ قَضَاءَ حَلَبَ، ثُمَّ نَابَ فِي دِمَشْقَ وَدَرَّسَ بِالرَّوَاحِيَّةِ وَبَاشَرَهَا بَعْدَهُ شَمْسُ الدِّين عَبْدُ الرَّحمن بْنُ نُوحٍ الْمَقْدِسِيُّ، يَوْمَ عَاشِرِ شَوَّالٍ.
وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تُوُفِّيَ بِحَمَاةَ مَلِكُهَا: الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بن محمود بن عمر بن ملكشاه (?) ، بن أيوب، ولد سنة ثلاثين وَسِتِّمِائَةٍ (?) ، وَتَمَلَّكَ حَمَاةَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، فَمَكَثَ فِي الْمُلْكِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ بِرٌّ وَصَدَقَاتٌ، وَقَدْ أعتق في بعض مَوْتِهِ خَلْقًا مِنَ الْأَرِقَّاءِ، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ بِتَقْلِيدِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ لَهُ بِذَلِكَ.
الْقَاضِي جَمَالُ الدِّين أَبُو يَعْقُوبَ يوسف بن عبد الله بن عمر الرازي، قَاضِي قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُدَرِّسُهُمْ بَعْدَ الْقَاضِي زَيْنِ
الزَّوَاوِيِّ الَّذِي عَزَلَ نَفْسَهُ، وَقَدْ كَانَ يَنُوبُ عَنْهُ فَاسْتَقَلَّ بَعْدَهُ بِالْحُكْمِ، تُوُفِّيَ فِي الْخَامِسِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَهُوَ فِي طَرِيقِ الْحِجَازِ، وَكَانَ عَالِمًا فَاضِلًا قَلِيلَ التَّكْلِيفِ وَالتَّكَلُّفِ، وَقَدْ شَغَرَ الْمَنْصِبُ بَعْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَرَّسَ بَعْدَهُ لِلْمَالِكِيَّةِ الشَّيخ جَمَالُ الدِّين الشَّرِيشِيُّ، وَبَعْدَهُ أَبُو إسحاق اللوري، وبعده بدر الدين وأبو بكر البريسي، ثُمَّ لَمَّا وَصَلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَاكِمًا دَرَّسَ بِالْمَدَارِسِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وستمائة فِي أَوَاخِرِ (?) الْمُحَرَّمِ قَدِمَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ وَمَعَهُ الْجُيُوشُ وَجَاءَ إِلَى خِدْمَتِهِ صَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْمَنْصُورِ فَتَلَقَّاهُ بِجَمِيعِ الْجُيُوشِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةَ الْمُلُوكِ، ثُمَّ سَافَرَ السلطان