وَفِيهَا عَمِلَ الْبَرْوَانَاهْ عَلَى قَتْلِ الْمَلِكِ عَلَاءِ الدِّينِ (?) صَاحِبِ قُونِيَةَ وَأَقَامَ وَلَدَهُ غِيَاثَ الدِّينِ مَكَانَهُ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ (?) وَتَمَكَّنَ الْبَرْوَانَاهْ فِي الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ وَأَطَاعَهُ جَيْشُ الرُّومِ.
وَفِيهَا قَتَلَ الصَّاحِبُ عَلَاءُ الدِّينِ صَاحِبُ الدِّيوَانِ بِبَغْدَادَ ابْنَ الْخُشْكَرِيِّ النُّعْمَانِيَّ الشَّاعِرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَهَرَ عَنْهُ أَشْيَاءُ عَظِيمَةٌ، مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ فَضْلَ شِعْرِهِ عَلَى الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَاتَّفَقَ أَنَّ الصَّاحِبَ انْحَدَرَ إِلَى وَاسِطٍ فَلَمَّا كَانَ بِالنُّعْمَانِيَّةِ حَضَرَ ابْنُ الْخُشْكَرِيِّ عِنْدَهُ وَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً قَدْ قَالَهَا فِيهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُنْشِدُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَاسْتَنْصَتَهُ الصَّاحِبُ، فَقَالَ ابْنُ الْخُشْكَرِيِّ: يَا مَوْلَانَا اسْمَعْ شَيْئًا جَدِيدًا، وَأَعْرِضْ عَنْ شئ له سنين، فَثَبَتَ عِنْدَ الصَّاحِبِ مَا كَانَ يُقَالُ عِنْدَهُ عَنْهُ، ثُمَّ بَاسَطَهُ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا قَالَ حَتَّى اسْتَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ، فَإِذَا هُوَ زِنْدِيقٌ، فَلَمَّا رَكِبَ قَالَ لِإِنْسَانٍ مَعَهُ اسْتَفْرِدْهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَاقْتُلْهُ، فَسَايَرَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ عَنِ النَّاسِ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مَعَهُ: أَنْزِلُوهُ عَنْ فَرَسِهِ كَالْمُدَاعِبِ لَهُ، فَأَنْزَلُوهُ وَهُوَ يَشْتُمُهُمْ وَيَلْعَنُهُمْ، ثُمَّ قَالَ انْزِعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ فَسَلَبُوهَا وَهُوَ يُخَاصِمُهُمْ، وَيَقُولُ إِنَّكُمْ أَجْلَافٌ، وَإِنَّ هَذَا لَعِبٌ بَارِدٌ، ثُمَّ قَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ فَأَبَانَ رَأْسَهُ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ: الشَّيْخُ عَفِيفُ الدِّين يُوسُفُ بْنُ الْبَقَّالِ شَيْخُ رِبَاطِ الْمَرْزُبَانِيَّةِ، كَانَ صَالِحًا وَرِعًا زَاهِدًا حَكَى عَنْ نَفْسِهِ قَالَ: كُنْتُ بِمِصْرَ فَبَلَغَنِي مَا وَقَعَ مِنَ الْقَتْلِ الذَّرِيعِ بِبَغْدَادَ فِي فِتْنَةِ التَّتَارِ، فَأَنْكَرْتُ فِي قَلْبِي وَقُلْتُ: يَا رَبِّ كَيْفَ هَذَا وَفِيهِمُ
الْأَطْفَالُ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ؟ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ رَجُلًا وَفِي يَدِهِ كِتَابٌ فَأَخَذْتُهُ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِيهَا الْإِنْكَارُ عَلَيَّ: دَعِ الِاعْتِرَاضَ فَمَا الْأَمْرُ لَكْ * وَلَا الْحُكْمُ فِي حَرَكَاتِ الْفَلَكْ وَلَا تَسْأَلِ اللَّهَ عَنْ فِعْلِهِ * فَمَنْ خَاضَ لُجَّةَ بَحْرٍ هَلَكْ إِلَيْهِ تَصِيرُ أُمُورُ الْعِبَادِ * دَعِ الِاعْتِرَاضَ فما أجهلك وممن توفي فيها من الاعيان: