فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا بِهَذِهِ الْبِلَادِ عَلَى خِلَافِكَ وَرَفْضِ أَمْرِكَ، وَنَدِمُوا عَلَى اتِّبَاعِكَ، فَهُمْ مُسْلِمُوكَ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ (?) ، فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنِّي لَكَ لَمِنَ النَّاصِحِينَ وَالسَّلَامُ.

وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرٌو أَيْضًا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ غِبَّ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ عَظِيمُ الْوَبَالِ، وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه مِنَ النِّقْمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّبِعَةِ الْمُوبِقَةِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ

خِلَافًا عَلَى عُثْمَانَ مِنْكَ (?) حِينَ تَطْعَنُ بِمَشَاقِصِكَ بين خششائه (?) وأوداجه، ثم إنك تظن أني عنك نائم أو ناسٍ ذلك لك، حتى تأتي فتأمر عَلَى بِلَادٍ أَنْتِ بِهَا جَارِي وَجُلُّ أَهْلِهَا أَنْصَارِي وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجُيُوشٍ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ بِجِهَادِكَ وَلَنْ يُسَلِّمَكَ اللَّهُ مِنَ الْقَصَّاصِ أَيْنَمَا كُنْتَ وَالسَّلَامُ (?) .

قَالَ: فَطَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْكِتَابَيْنِ وَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى عَلِيٍّ وَأَعْلَمَهُ بِقُدُومِ عَمْرٍو إِلَى مِصْرَ فِي جَيْشٍ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ بِأَرْضِ مِصْرَ حَاجَةٌ فَابْعَثْ إِلَيَّ بِأَمْوَالٍ وَرِجَالٍ وَالسَّلَامُ.

فكتب إليه يَأْمُرُهُ بِالصَّبْرِ وَبِمُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ، وَأَنَّهُ سَيَبْعَثُ إِلَيْهِ الرجال والأموال، ويمده بما أمكنه من الجيوش.

وكتب محمد بن أبي بكر كتاباً إلى معاوية فِي جَوَابِ مَا قَالَ وَفِيهِ غِلْظَةٌ، وَكَذَلِكَ كتب إلى عمرو بن العاص وفيه كَلَامٌ غَلِيظٌ (?) وَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي النَّاس فَخَطَبَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَمُنَاجَزَةِ مَنْ قَصَدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّام، وَتَقَدَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى مِصْرَ فِي جُيُوشِهِ، وَمَنْ لحق به من العثمانية المصريين، وَالْجَمِيعُ فِي قَرِيبٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وركب محمد بن أبي بكر في ألفي فارس الذين انتدبوا معه من المصريين وقدم على جيشه بين يديه كنانة بن بشر فجعل لا يلقاه أحد مِنَ الشَّامِيِّينَ إِلَّا قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُلْحِقَهُمْ مَغْلُوبِينَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَبَعَثَ عَمْرُو بْنُ العاص إليه معاوية بن خديج فَجَاءَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الشَّامِيُّونَ حَتَّى أَحَاطُوا بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَتَرَجَّلَ عِنْدَ ذلك كنانة وهو يتلو * (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً) * الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 145] ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ وَرَجَعَ يَمْشِي فَرَأَى خَرِبَةً فَأَوَى إِلَيْهَا وَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فُسْطَاطَ مِصْرَ وَذَهَبَ مُعَاوِيَةُ بن خديج فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَمَرَّ بِعُلُوجٍ فِي الطَّريق فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ تَسْتَنْكِرُونَهُ؟ قَالُوا: لَا! فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا جَالِسًا فِي هَذِهِ الْخَرِبَةِ، فَقَالَ: هُوَ هُوَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا - وَقَدْ كَادَ يَمُوتُ عَطَشًا - فَانْطَلَقَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - وَكَانَ قَدْ قَدِمَ مَعَهُ إِلَى مِصْرَ - فَقَالَ: أَيُقْتَلُ أَخِي صَبْرًا؟ فبعث عمرو بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015