أُدَبِرْ فَأَدْبَرْتُ، ثُمَّ قَالَ أَقْبِلْ فَأَقْبَلْتُ، ثُمَّ قَالَ بخٍ بخٍ، أُعَيْرَابي مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ كِسْرَى وَسَرَاوِيلُهُ وَسَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَتَاجُهُ وَخُفَّاهُ.
رُبَّ يَوْمٍ يَا سُرَاقُ بْنَ مَالِكٍ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ هَذَا مِنْ مَتَاعِ كِسْرَى وَآلِ كِسْرَى، كَانَ شَرَفًا لَكَ وَلِقَوْمِكَ، انْزِعْ.
فَنَزَعْتُ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَعْتَ هَذَا رَسُولَكَ وَنَبِيَّكَ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي وَمَنَعْتَهُ أَبَا بَكْرٍ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي، وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي، وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْطَيْتَنِيهِ لِتَمْكُرَ بِي.
ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَحِمَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ.
ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ ما بِعْتَهُ ثُمَّ قَسَّمْتَهُ قَبْلَ أَنْ تُمْسِيَ.
وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ: أَنَّ عُمَرَ حِينَ ملك تلك الملابس والجواهر جئ بِسَيْفِ كِسْرَى وَمَعَهُ عِدَّةُ سُيُوفٍ مِنْهَا سَيْفُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ نَائِبِ كِسْرَى عَلَى الْحِيرَةِ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ سَيْفَ كِسْرَى فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ.
ثُمَّ قال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، أو لذوا أَمَانَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ كِسْرَى لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ تَشَاغَلَ بِمَا أَوُتِيَ عَنْ آخِرَتِهِ فَجَمَعَ لِزَوْجِ امْرَأَتِهِ، أَوْ زَوْجِ ابْنَتِهِ (?) ، وَلَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ وَوَضَعَ الْفُضُولَ في مَوَاضِعَهَا لَحَصَلَ لَهُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ وهو أبو نجيد نَافِعُ بْنُ الْأَسْوَدِ فِي ذَلِكَ: وَأَمَلْنَا (?) عَلَى المدائن خيلاً * بحرها مثل برِّهنّ أريضا فانتشلنا (?) خَزَائِنَ الْمَرْءِ كِسْرَى * يَوْمَ وَلَّوْا وَحَاصَ (?) مِنَّا جَرِيضَا
لَمَّا سَارَ كِسْرَى وَهُوَ يَزْدَجِرْدُ بْنُ شَهْرِيَارَ مِنَ الْمَدَائِنِ هَارِبًا إِلَى حُلْوَانَ شَرَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فِي
جَمْعِ رِجَالٍ وَأَعْوَانٍ وَجُنُودٍ، مِنَ الْبُلْدَانِ الَّتِي هُنَاكَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ مِنَ الْفُرْسِ وَأَمَّرَ عَلَى الْجَمِيعِ مِهْرَانَ، وَسَارَ كِسْرَى إلى حلوان فأقام الْجَمْعُ الَّذِي جَمَعَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَلُولَاءَ، وَاحْتَفَرُوا خَنْدَقًا عَظِيمًا حَوْلَهَا، وَأَقَامُوا بِهَا فِي العَدد والعُدد وَآلَاتِ الْحِصَارِ، فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ يُقِيمَ هُوَ بِالْمَدَائِنِ وَيَبْعَثَ ابْنَ أَخِيهِ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ الَّذِي يَبْعَثُهُ إِلَى كِسْرَى، وَيَكُونَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْقَعْقَاعُ بن عمرو، وعلى الميمنة سعد بْنُ مَالِكٍ وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَلَى السَّاقَةِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ (?) .
ففعل