298 - سمعت بعض أصحابنا يذكر: " أن رجلا عربيا كان يمشي في بعض دروب الكوفة في يوم قائظ شديد الحر، فلظه العطش، فتقدم إلى باب دار فطرقه، فخرجت إليه جارية، فقال لها: قد لظني العطش، فاسقيني كوزا من ماء.
فقالت له: واللَّه ما عندنا ماء، ولكن عندنا لبن، فهل لك أن تشرب منه؟ فقال لها الرجل: ومن لي بذلك؟ فأخرجت إليه فخارة فيها لبن ودفعتها إليه، فعجب الرجل، وقال في نفسه: أليس يذكر عن أهل الكوفة البخل؟ وأنا قد طلبت من أهل هذه الدار ماء فسقوني لبنا وهذا غاية الكرم.
ثم وضع الفخارة عن فمه، وقال للجارية: يا هذه، إني أرى في الفخارة فأرة ميتة.
فقالت الجارية: فأرة أخرى؟ فرمي بالفخارة عن يده إلى الأرض فسقطت فانكسرت، فبادرت الجارية إلى مولاها صارخة تولول، وتقول: يا ستي كسر الرجل مبولتك "
299 - وبلغنني أن بغداديا لحاما نزل بالكوفة، وفتح فيها حانوتا ليبيع فيه اللحم، فمكث زمانا لا يشتري أحد منه شيئا، ثم جاءته امرأة في قناعها نخالة، وقالت له: أعطني بهذه النخالة لحما.
فصاح عليها وانتهرها، وقال: أي خير يرتجى من قوم يريدون ابتياع اللحم بالنخالة؟ فولت المرأة وهي تضحك تعجبا منه، وقالت: هذا البغدادي طريف، لا يبيع اللحم إلا بنوى