أكلّمك من الجوع إلا وأنا متكيء. الجوارشن ما أصنع به؟ هو نفسه ليس يشبع، ولا يحتاج الى الجوارشن، ونحن الذين إنما نسمع بالشبع سماعا من أفواه الناس، وما نصنع بالجوارشن؟.
واشتد على غلمانه في تصفية الماء، وفي تبريده وتزميله «1» ، لأصحابه وزوّاره. فقال له غازي أبو مجاهد: «جعلت فداك! مر بتزميل الخبز وبتكبيره، فإن الطعام قبل الشراب» .
وقال مرة: «يا غلام هات خوان النرد» ، وهو يريد تخت النرد.
فقال له غازي: «نحن الى خوان الخبز أحوج» .
وسكر زبيدة ليلة، فكسا صديقا له قميصا؛ فلما صار القميص على النديم خاف البدوات «2» . وعلم أن ذلك هفوة من هفوات السكر.
فمضى من ساعته الى منزله، فجعله برنكانا «3» لامرأته؛ فلما أصبح، سأل عن القميص، وتفقّده. فقيل له: «إنك قد كسوته فلانا» فبعث إليه، ثم أقبل عليه، فقال: «ما علمت أن هبة السكران، وشراءه وبيعه، وصدقته، وطلاقه لا يجوز؟ وبعد فإني أكره ألا يكون لي حمد، وأن يوجّه الناس هذا مني على السكر، فردّه عليّ حتى أهبه لك صاحيا عن طيب نفس، فإني أكره أن يذهب شيء من مالي باطلا» . فلما رآه صمّم أقبل عليه فقال: «يا هناه «4» ! إن الناس يمزحون، ويلعبون، ولا يؤاخذون بشيء من ذلك، فردّ القميص عافاك الله» . قال له الرجل:
«إني والله قد خفت هذا بعينه، فلم أضع جنبي الى الأرض حتى جيّبته