العذب علينا مؤونة «1» . فكنّا نمزج منه للحمار فاعتلّ منه، وانتفض علينا من أجله؛ فصرنا، بعد ذلك، نسقيه العذب صرفا. وكنت أنا والنعجة «2» كثيرا ما نغتسل بالعذب مخافة أن يعتري جلودنا منه مثل ما اعترى جوف الحمار. فكان ذلك الماء العذب الصافي يذهب باطلا. ثم انفتح لي فيه باب من الإصلاح، فعمدت الى ذلك المتوضأ، فجعلت في ناحية منه حفرة، وصهرجتها «3» ، وملّستها، حتى صارت كأنها صخرة منقورة، وصوّبت اليها المسيل، فنحن الآن إذا اغتسلنا صار الماء اليها صافيا، لم يخالطه شيء. ولولا التعبّد لكان جلد المتغوّط «4» أحقّ بالنّتن، من جلد الجنب «5» ، فمقادير طيب الجلود واحدة، والماء على حاله. والحمار أيضا لا تقزّز «6» له من ماء الجنابة، وليس علينا حرج في سقيه منه. وما علينا أن كتابا حرّمه، ولا سنّة نهت عنه، فربحنا هذه منذ أيام. وأسقطنا مؤونة عن النفس والمال.
قال القوم: هذا بتوفيق الله، ومنّه.