رجل سرّنا بكلام، وسررناه بكلام. هو حين زعم أني أحسن من القمر، وأشدّ من الأسد، وأن لساني أقطع من السيف، وأن أمري أنفذ من السّنان هل جعل في يدي من هذا شيئا أرجع به الى بيتي؟ ألسنا نعلم أنه قد كذب؟ ولكنه قد سرّنا حين كذب لنا، فنحن أيضا نسرّه بالقول ونأمر له بالجوائز، وإن كان كذبا، فيكون كذب بكذب وقول بقول. فأما أن يكون كذب بصدق وقول بفعل، فهذا هو الخسران المبين الذي سمعت به» .
ويقال: إن هذا المثل الذي قد جرى على ألسنة العوّام من قولهم:
«ينظر إليّ شزرا كأنّي أكلت إثنين، وأطعمته واحدا» إنما هو لأهل مرو.
قال: وقال المروزيّ لولا إنني أبني مدينة لبينت آريّا لدابتي.
قال: وقلت لأحمد بن هشام «1» ، وهو يبني داره ببغداد: «إذا أراد الله ذهاب مال رجل سلّط عليه الطين والماء» . قال: «وما يصنع بذكر الطين والماء؟ إنما إذا أراد الله ذهاب مال رجل جعله يرجو الخلف «2» ، لا والله أن أهلك الناس، ولا أقفر بيوتهم، ولا ترك دورهم بلاقع «3» ، إلا الإيمان بالخلف، وما رأيت جنة «4» قط أوقى من اليأس» .