البخلاء للجاحظ (صفحة 300)

وقال الآخر:

يزدحم الناس على بابه ... والمشرع السهل كثير الزحام

وقال الآخر:

وإذا افتقرت رأيت بابك خاليا ... وترى الغنى يهدي لك الزوّارا

وليس هذا من الأوّل، إنما هذا مثل قوله:

ألم تر بيت الفقر يهجر أهله ... وبيت الغنى يهدى له ويزار

وهذا مثل قوله:

إذا ما قل مالك كنت فردا ... وأيّ الناس زوّار المقلّ؟

والعرب تفضّل الرجل الكسوب والغرّ «1» الطلوب، ويذمّون المقيم الفشل والدثور الكسلان. ولذلك قال شاعرهم، وهو يمدح رجلا:

شتى مطالبه، بعيد همّه ... جوّاب أودية، برود المضجع «2»

ومدح آخر نفسه، فقال:

فإن تأتياني في الشتاء وتلمسا ... مكان فراشي فهو بالليل بارد

وقال آخر:

إلى ملك لا ينقض النأي عزمه ... خروج تروك للفراش الممّهد «3»

وقال الآخر:

فداك قصير الهمّ يملأ عينه ... من النوم، إذ ملقى فراشك بارد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015