وهذا الباب يكثر ويطول، وفيما ذكرنا دليل على ما قصدنا إليه من تصنيف الحالات. فإن أردته مجموعا فاطلبه في كتاب الشعوبية «1» . فإنه هناك مستقصى.
والأعرابي إذا أراد القرى ولم ير نارا نبح، فيجاوبه الكلب، فيتبع صوته. ولذلك قال الشاعر:
ومستنج أهل الثرى يطلب القرى ... الينا وممساه من الأرض نازح «2»
وقال الآخر:
عوى حدس والليل مستحلس الندى ... لمستنبح بين الرميثة والحضر «3»
ويدلّك على أنه ينبح وهو على راحلته لينبحه الكلب قول حميد الأرقط:
وعاو عوى والليل مستحلس الندى ... وقد ضجعت للغور تالية النجم «4»
فمنهم من يبرز كلبه ليجيب، ومنهم من يمنعه ذلك. قال زياد الأعجم، وهو يهجو بني عجل:
وتكعم كلب الحيّ من خشية القرى ... وقدرك كالعذراء من دونها ستر «5»
وقال آخر:
نزلنا بعمّار فأشلى كلابه ... علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل «6»
فقلت لأصحابي، أسرّ إليهم: ... إذا اليوم أم يوم القيامة أطول؟