البخلاء للجاحظ (صفحة 273)

وقال القطامي «1» في أكلهم القدّ:

تعمّمت في طلّ وريح تلفّني ... وفي طرمساء غير ذات كواكب «2»

الى حيزبون توقد النار بعد ما ... تلفّعت الظلماء من كل جانب «3» .

فسلمت، والتسليم ليس يسرّها ... ولكنه حق على كل جانب «4»

فلما تنازعنا الحديث سألتها: ... من الحيّ؟ قالت: معشر من محارب «5»

من المشتوين القد في كل شتوة ... وإن كان ريف الناس ليس بناصب «6»

وقال الراعي: «7»

بكى معوز من أن يضاف وطارق ... يشدّ من الجوع الإزار على الحشا

الى ضوء نار يشتوى القدّ أهلها ... وقد يكرم الأضياف والقدّ يشتوى

وقد يضيقون في شراب غير المجدوح والفظ في المغازي والأسفار، فيمدحون من آثر صاحبه، ولا يذمّون من أخذ حقه منه. وهو ماء المصافنة «8» . و «المصافنة» : مقاسمة هذا الماء بعينه؛ وذلك أن الماء إذا نقص عن الريّ اقتسموه بالسواء، ولم يكن للرئيس ولصاحب المرباع والصفيّ وفضول المقاسم «9» فضل على أخسّ القوم. وهذا خلق عام ومكرمة عامة في الرؤساء. قال الفرزدق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015