مدركان، فان نحن وجدنا انسانا يصعدها، فانها سحيقة منجردة «1» ، ولم يطيرا، فانهما قد صارا ناهضين، جعلنا الواحد طباهجة «2» ، والآخر كردناجا، فإنه يوم كردناج» .
فطلبوا في الجيران انسانا يصعد تلك النخلة، فلم يقدروا عليه؛ فدلوهم على أكّار لبعض أهل الحربية. فما زال الرسول يطلبه، حتى يقع عليه. فلما جاء به ونظر الى النخلة، قال: «هذه لا تصعد ولا يرتقى عليها إلا بالتبليا والبربند «3» ، فكيف أرومها أنا بلا سبب» ؟ فسألوه أن يلتمس لهم ذلك، فذهب فغبر مليّا، ثم أتاهم به. فلما صار في أعلاها طار أحدهما وأنزل الآخر فكان هو الطباهج والكردناج «4» ، وهو الغداء وهو العشاء.
وكتب إبراهيم بن سيّابة «5» الى صديق له، يساويه في الأدب، ويرتفع في الحال وكان كثير المال، كثير الصامت، يستسلف منه بعض ما يرتفق به، الى أن يأتيه بعض ما يؤمل. فكتب اليه صديقه هذا يعتذر، ويقول: «إن المال مكذوب له وعليه، والناس يضيفون الى الناس في هذا الباب ما ليس عندهم.
وأنا اليوم مضيق «6» . وليست الحال كما نحب. وأحق من عذر الصديق العاقل» ، فلما ورد كتابه على ابن سيّابة، كتب إليه: «إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا، وإن كنت ملوما فجعلك الله معذورا» .
قال عمرو الجاحظ: احتجنا عند التطويل، وحين صار الكتاب