«فليس عليه قطع الطريق، بل عليّ قطع» .
وأتى ابن اشكاب الصيرفي صديق له، يستلف منه مالا. فقال: «لو شئت أن أقول لقلت، وأن أعتلّ اعتللت، وأن أستعير بعض كلام من يستلف منه إخوانه فعلت، وليس أرى شيئا خيرا من التصحيح وقشر العصا «1» . ليس أفعل. فإن التمست لي عذرا فهو أروح لقلبك، وإن لم تفعل فهو شرّ لك» .
وضاق الفيض بن يزيد ضيقا شديدا، فقال: «والله ما عندنا من شيء نعوّل عليه، وقد بلغ السكين العظم «2» . والبيع لا يكون إلا مع طول المدة.
والرأي أن ننزل هذه النائبة بمحمد بن عبّاد «3» ، فإنه يعرف الحال وصحّة المعاملة وحسن القضاء وما لنا من السبب المنتظر. فلو كتبت إليه كتابا لسرّه ذلك ولسدّ منا هذه الخلّة القائمة الساعة» .
فتناول القلم والقرطاس، ليكتب اليه كتاب الواثق المدلّ، لا يشك أنه سيتلقى حاجته بمثل ما كان هو المتلقّي لها منه. ومضى بعض من كان في المجلس الى محمد ابن عبّاد ليبشره بسرعة ورود حاجة الفيض إليه؛ فأتاه أمر لا يقوم له إلا بأن يتقدم بالكتابة، ليشغله بحاجته إليه عن حاجته اليه، فكتب اليه:
«مالي يضعف، والدخل قليل، والعيال كثير، والسعر غال، وأرزاقنا من الديوان قد احتسبت، وقد تفتحت علينا من أبواب النوائب في هذه الأيام ما لم يكن لنا في حساب. فإن رأيت أن تبعث إليّ بما أمكنك فعجّل به، فان بنا إليه أعظم الحاجة» .