البخلاء للجاحظ (صفحة 261)

أعرّضه للفساد، وأن أعينك على القطيعة، فلا تلمني على أن كنت عندي واحدا من أهل عصرك. فإن كنت عند نفسك فوقهم وبعيدا من مذهبهم، فلا تكلّف الناس علم الغيب فتظلمهم.

ثم قال: وما زالت العارية مؤدّاة، والوديعة محفوظة، فلما قالوا:

«أحق الخيل بالركض المعار، بعد أن كان يقال: «أحق الخيل بالصون المعار» ، وبعد أن قيل لبعضهم: «أرفق به» ، فقال: «إنه عارية» ، وقال الآخر: فأقتل، فسدت العارية، واستدّ هذا الباب «1» » .

ولما قالوا:

شمّر قميصك، واستعدّ لنائل ... واحكك جبينك للقضاء بثوم «2»

واخفض جناحك إن مشيت تخشّعا ... حتى تصيب وديعة ليتيم

وحين أكلت الأمانات الأمناء والأوصياء، ورتع فيها المعدّلون والصرّافون «3» ، وجب حفظها ودفنها، وكان أكل الأرض لها خيرا من أكل الخؤون الفاجر واللئيم الغادر. وهذا مع قول أكثم بن صيفي في ذلك الدهر:

«لو سئلت العارية اين تذهبين» ، قالت: «أكسب أهلي ذمّا» «4» .

وأنا اليوم أنهى عن العارية والوديعة، وعن القرض والفرض. وأكره أن يخالف قولي فعلي. أما القرض فلما أنبأتك «5» ، وأما الفرض فليس يسعه إلا بيت المال. ولو وهبت لك درهما واحدا، لفتحت على مالي بابا لا تسدّه الجبال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015