بأدب الله أنك تتقلب في الخيرة مجزى «1» بذلك إما عاجلا وإما آجلا» ، ثم قال: «فلم تجر أبو بكر؟ ولم تجر عمر؟ ولم تجر عثمان؟ ولم تجر الزبير «2» ؟ ولم تجر عبد الرحمن؟ ولم علّم الناس يتّجرون، وكيف يشترون ويبيعون؟ ولم قال عمر:
إذا اشتريت حملا فاجعله ضخما، فإن لم يبعه الخبر «3» باعه المنظر؟ ولم قال عمر:
«فرّقوا بين المنايا، واجعلوا الرأس رأسين» ؟ ولم قال عثمان، حين سئل عن كثرة أرباحه، قال: «لم أردّ من ربح قطّ» ؟ ولم قيل: لا تشتر عيبا ولا شيبا؟
وهل حجر عليّ بن أبي طالب على ابن أخيه عبد الله بن جعفر «4» إلا في إخراج المال في غير حقّه، وإعطائه في هواه؟ وهل كان ذلك إلا في طلب الذكر، والتماس الشكر؟ وهل قال أحد ان إنفاقه كان في الخمور والقمار، وفي الفسولة «5» والفجور؟ وهل كان إلا فيما تسمّونه جودا وتعدّونه كرما؟ ومن رأى أن يحجر على الكرام لكرمهم، رأى أن يحجر على الحلماء لحلمهم. وأيّ إمام بعد أبي بكر تريدون؟ وبأيّ سلف بعد عليّ تقتدون» ؟
وكيف نرجو الوفاء والقيام بالحق، والصبر على النائبة، من عند لعموظ «6» مستأكل وملّاق مخادع ومنهوم بالطعام شره، لا يبالي بأيّ شيء أخذ الدرهم، ومن أيّ وجه أصاب الدينار، ولا يكترث للمنة ولا يبالي أن يكون أبدا منهوما منقوما عليه، وليس يبالي إذا أكل كيف كان ذلك الطعام، وكيف كان سببه وما حكمه. فإن كان مالك قليلا فإنما هو قوام عيالك، وإن كان كثيرا فاجعل الفاضل عدة لنوائبك. ولا يأمن الأيام إلا المضلّل، ولا يغتّر بالسلامة إلا المغفّل. فاحذر طوارق البلاء وخدع رجال الدهاء. سمنك في أديمك،