البخلاء للجاحظ (صفحة 236)

والتبذير. وخرج غيلان بن سلمة «1» من جميع ماله فأكرهه عمر على الرجوع فيه، وقال: «لو متّ لرجمت قبرك، كما يرجم قبر أبي رغال» . وقال الله جل وعز: «لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه فلينفق مما آتاه الله» . وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يكفيك ما بلّغك المحلّ» . وقال: «ما قل وكفى خير مما كثر وألهى» . وقال الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً

«2» . وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى «3» » . وقال الله جل ذكره: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً «4» إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً

ولذلك قالوا: «خير مالك ما نفعك، وخير الأمور أوساطها، وسرّ السير الحقحقة «5» . والحسنة بين السيّئتين» ، وقالوا: «دين الله بين المقصّر والغالي» ، وقالوا في المثل: «بينهما يرمي الرامي» ، وقالوا: «عليك بالسداد والإقتصاد ولا وكس ولا شطط» «6» ، وقالوا: «بين الممخّة والعجفاء «7» » ، وقالوا: «لا تكن حلوا فتبتلع ولا مرّا فتلفظ» وقالوا في المثل: «ليس الريّ عن التشاف «8» » .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015