وقال بعض الحكماء لرجل اشتد جزعه من بكاء صبيّ له: لا تجزع، فإنه أفتح لجرمه، وأصح لبصره.
وضرب «عامر بن عبد قيس» «1» بيده على عينه، فقال: جامدة شاخصة «2» ، لا تندى «3» .
وقيل: «لصفوان بن محرز» «4» ، عند طول بكائه، وتذكّر أحزانه:
«إن طول البكاء يورث العمى» ؛ فقال: «ذلك لها شهادة» فبكى حتى عمي.
وقد مدح بالبكاء ناس كثير، منهم «يحيى البكّاء» ، وهيثم البكّاء» .
وكان «صفوان بن محرز» يسمى: «البكاء» . وإذا كان البكاء (وما دام صاحبه فيه فإنه في بلاء، وربما أعمى البصر، وأفسد الدماغ، ودل على السّخف، وقضي على صاحبه بالهلع، وشبّه بالأمة اللكعاء «5» وبالحدث الضّرع) «6» كذلك، فما ظنك بالضحك الذي لا يزال صاحبه في غاية السرور، الى أن ينقطع عنه سببه.
ولو كان الضحك قبيحا من الضاحك، وقبيحا من المضحك، لما قيل للزهرة والحبرة والحلي والقصر المبنيّ: «كأنه يضحك ضحكا» .
وقد قال الله جل ذكره: «وأنه هو أضحك وأبكى وأنه قد أمات وأحيا» ، فوضع الضحك بحذاء الحياة «7» ، ووضع البكاء بحذاء الموت؛